تابعت باهتمام بالغ ذلك الحدث المهم، وهو انعقاد مؤتمر الشباب العالمى فى مدينة شرم الشيخ بعيدا عن ضوضاء القاهرة، وأهم ما يلفت نظرى كمحلل سياسي، تلك التصريحات التى تصدر عنه وعلى هامشه وفى خضم فعالياته، فتابعت ما صدر من رئيس الحكومة ووزرائها، وقارنت ما قالوه بما سبق أن قالوه من قبل، إلا أن الأكثر لفتا للأنظار تلك التصريحات الصادرة من الرئيس السيسي، رئيس الدولة، منها ما هو محلى ومنها ما هو إقليمى ومنها ما هو دولي، أو بلغة أخرى صدر عن الرئيس تصريحات داخلية أو للداخل، وتصريحات للخارج (إقليمى ودولي).
ولاشك أن خطاب رئيس الدولة يمثل أهمية كبيرة فى التحليل السياسى وأكاد أزعم أن اختيارى عددا من التصريحات للتوضيح والشرح والتحليل والتعليق، خلال فترة انعقاد المؤتمر (5 ـ 10) نوفمبر، وهو بمنزلة اختيار لما هو كاشف عن الرؤية الرئاسية فى قضايا محورية تستدعى الاهتمام.
فقد كانت كلمة الرئيس فى افتتاح المؤتمر هى الأفضل فى كلماته (لغة وفكرا) بتقييم عدد كبير من المعلقين والمراقبين، كما أن الرئيس بخلاف مداخلاته فى عدد من جلسات المؤتمر عن الشباب والمرأة وعن النابغين وفكرة النجاح والتقدم المنشود، وغيرها بطبيعة الحال، أجرى عدداً من الأحاديث الصحفية وحوارات مفتوحة مع إعلاميين، تضمنت تصريحات تستدعى الاهتمام ثم المتابعة، لأنا كاشفة لما هو قادم.
ومن بين أهم تصريحاته الصحفية هو ما أشار فيه إلى أنه لايوافق على تعديل الدستور، ولايوافق على تغيير المادتين،وأن كل مدة (4) سنوات فقط، وأنه ملتزم بذلك، وعن ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة لمدة أخري، أشار إلى أن ذلك سابق لأوانه وأنه سيعلن ذلك بعد أن يعرض تقريراً بالإنجازات على الشعب فى يناير المقبل، وحال قبول الغالبية له، سيعلن ترشحه، وبخصوص الجزء الاول من التصريح بعدم موافقته على تعديل الدستور، فإن الرئيس قد فعل خيرا، وأراح المصريين عموما.
فقد ترك الرئيس الحوار الذى تفجر فى الصيف الماضي، ومازالت أصداؤه قائمة، حتى قبل إعلان الرئيس، ولم يهدئ من روع المصريين سوى تصريحات الرئيس المباشرة لغلق الباب نهائيا أمام فكرة التعديل والتى تشمل أكثر من جانب، منها أولا مد فترة الرئاسة، وثانيها فتح مدد الرئاسة، ورغم صدور تصريحات ضمنية لمصادر مقربة لغلق هذا التفكير بالتعديلات الدستورية التى صدرت بدايتها عندما صرح رئيس مجلس النواب خلال مناقشة رسالة دكتوراه فى جامعة المنصورة بذلك ليفتح الباب أمام مشروعات تقدم بها عدد محدود من النواب لينشغل الرأى العام بذلك، ولتحدث الفتنة، وقد تصور البعض أن ذلك تم بالاتفاق مع الرئاسة، وتداعت التعليقات فكان على الرئاسة أن تتبرأ من تصريحات تمس دستور البلاد الذى لم يمض عليه سوى أقل من (4) سنوات!
وإزاء هذا التصريح المحورى والمهم الذى صدر عن الرئيس السيسي، والذى لن ينسى بمواكبته مؤتمرا عالميا للشباب عقد فى مصر، لذلك فإنه ردا على ذلك وفى ذلك وفى ظل قراءة موضوعية للانتخابات الرئاسية القادمة، أدعوا القوى السياسية إلى عدم ترشح شخص منافس للرئيس السيسى هذه الفترة، ولينجح بالتزكية، درءا لفتنة سياسية كانت محتملة ووأدها الرئيس السيسى مؤخرا، حيث يكون الهدف قد تحقق بإعطاء الرئيس فترة ثانية (4 سنوات) ليكمل مشروعه، وتكون الفرصة قد أعطيت له كاملة، وهو المبرر الذى طرحه ما كانوا يريدون تعديل الدستور، ويكون التقييم بعد 8 سنوات مع المراجعة بين آن وآخر.