تُذكرنا الحكمة القديمة المقتبسة من سفر الجامعة في العهد القديم بالقول: «ما كان سيكون، وما تم فعله هو الذي سيُفعل، لذلك ليس هناك جديد تحت الشمس».
تُعبّر هذه العبارة ببساطة عن حقيقة أن من لا يتعلم دروس الماضي يُكرر أخطاء من سبقوه، ويطلق عليه وصف «الأرعن»، أي الذي يعتقد أنه يأتي بجديد مع أنه فقط يعيد اكتشاف ما هو معروف منذ زمن.
فالعجلة، على سبيل المثال، اخترعت منذ القدم، وكل الابتكارات التي جاءت بعدها استفادت منها بشكل أو بآخر. هذا يعكس طبيعة التقدم البشري المبني على تراكم المعرفة والخبرات.
جميع الاختراعات الكبرى، سواء الطائرة التي تشق السماء أو السفن التي تجوب البحار، جاءت نتيجة فهم الإنسان لقوانين الطبيعة الموجودة منذ نشأة الأرض.
الشمس على سبيل المثال تطل علينا بضوئها وحرارتها فتمنحنا القدرة على رؤية ما حولنا، وتبرز كيف تتكامل البشرية عبر تراكم الأفكار حتى يظهر من يستطيع كشف النقاب عن قوانين جديدة أو تطبيقها بطرق مبتكرة.
أفلاطون أشار إلى هذه الحقيقة عندما قال: «إن الحقيقة لا يمكن أن يدركها إنسان واحد»، مما يعكس أهمية التفاعل البشري والتعاون في كشف أسرار العالم.
أما من يصرّ على القول إن كل يوم جديد يأتي بشيء يختلف جذريًا عن الأمس، فهو يتجاهل قوانين الطبيعة ويحاول ابتكار عجلة جديدة دون الاستفادة من خبرات الحضارات السابقة وإنجازاتها.
هذا النمط الفكري قاد البعض على مر التاريخ إلى اللجوء للعنف كوسيلة للحكم، متجاهلين أن التاريخ مليء بدروس الفشل الناتجة عن اعتماد القوة بدلًا من الحكمة.
السلطة ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحسين ظروف الناس وخدمة المجتمع. من يتجاهل حِكم التاريخ يجد نهايته غالبًا تحت أقدام شعبه، لأنه لم يفهم أن النجاح في القيادة يعتمد على مراعاة الدروس المستفادة من الماضي وليس تجاهلها أو تحديها.
لم نقصد أحداً !!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا