من الطبيعي أن تفرض دولة نفوذها على أخرى عندما تمتلك المقومات اللازمة لتحقيق هذه الهيمنة، مثل قوة السلاح أو المال أو الاقتصاد.
عبر التاريخ، شهد العالم أشكالًا متنوعة للسيطرة بين الدول، من بينها السيطرة المباشرة، التي تتجسد في الاستعمار العسكري، والسيطرة غير المباشرة، التي تستند إلى الهيمنة الاقتصادية والمالية.
في هذه الحالة، تتحول الدولة الواقعة تحت النفوذ إلى شريك «حليف» ظاهريًا، لكنها في الواقع تصبح «تابعة»، معتمدة بالكامل على الدولة المسيطرة في كل شيء، بدءًا من السياسة وصولًا إلى احتياجاتها الأساسية كالغذاء.
ومع ذلك، يظهر اليوم نموذج جديد ومثير للدهشة من السياسات التي تعمل على الهيمنة بشكل مختلف. يتمثل هذا النموذج في تدخل أفراد معينين يعملون على تقويض القوة الناعمة للدولة المستهدفة أو حتى القضاء عليها تمامًا.
يتم استبدال هذه القوة بصناعة أسماء وهمية قائمة على التافهين أو أنصاف المواهب وأصحاب الشهرة المزيفة. هؤلاء الأفراد المسؤولون عن هذه المهام يلجأون إلى استمالة تلك الشخصيات بالمال أو منحهم جنسية دول معينة تخدم مصالح القوى المسيطرة.
يتابع هذا النهج طريقه لتحقيق هدفه المتمثل في تغيير هوية شعوب الدول المستهدفة ببطء ودون إدراك الشعب لذلك.
لكن ما يغفله أولئك الساعون للهيمنة هو أن القوة الناعمة، في كافة أشكالها ومجالاتها، لا تُبنى بشكل عشوائي، بل هي نتاج تطور تاريخي واجتماعي مستند إلى قوانين طبيعية تتيح للجديرين والأفضل أن يصعدوا.
لذا فإن التركيز على مثل هذه المحاولات لإبراز التافهين ليس سوى شراء للوهم، لأن هؤلاء لا يمثلون أي قوة حقيقية، بل مجرد مظاهر خاوية لا تقدم شيئًا ذا قيمة.
لم نقصد أحدًا!