في خطوة تعكس طبيعة سياساته القائمة على عقد الصفقات غير المتوقعة، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دائرة الضوء بعد تصريحاته عن مخطط لترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة إلى مصر والأردن.
تزداد التساؤلات حول مستقبل سياساته في الشرق الأوسط، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ويأتي ذلك بالتزامن مع اللقاء المرتقب خلال ساعات بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يفتح الباب أمام إعادة إحياء خطط قديمة، أبرزها مشروع تهجير الفلسطينيين، الذي كان مجرد واجهة لاتفاق سري مع القيادة السورية الجديدة.
لقاء ترامب ونتنياهو يأتي في وقت حساس، حيث يواجه نتنياهو تحديات داخلية كبيرة، أبرزها الاحتجاجات الداخلية والضغوط الدولية المتزايدة بشأن الحرب في غزة.
ومع ذلك، فإن نتنياهو يدرك أن عودة ترامب إلى الحكم قد تعني فرصة جديدة لتمرير مشاريع قد تكون إدارة بايدن تراجعت عنها، وعلى رأسها خطة التهجير الفلسطيني.
منذ مغادرته البيت الأبيض، لم يخفِ ترامب رغبته في العودة إلى الحكم، ومع تعثر إدارة بايدن في تحقيق اختراقات دبلوماسية بالشرق الأوسط، يسعى ترامب إلى إعادة تفعيل سياساته السابقة، التي اعتمدت على مبدأ «الصفقة الكبرى».
المفاجأة تكمن في أن طرح تهجير الفلسطينيين، لم يكن سوى غطاء لاتفاق سري مع القيادة السورية الجديدة، يقضي بقبول دمشق إعادة توطين جزء من اللاجئين الفلسطينيين داخل أراضيها، مقابل مكاسب سياسية كبرى، من بينها رفع اسم أحمد الشرع من قائمة الإرهاب.
ومع تصاعد الحديث عن خطط التهجير إلى مصر والأردن، كان التركيز الحقيقي يدور حول سوريا كطرف جديد في هذه المعادلة.
وبحسب التسريبات، فإن أحد شروط الاتفاق رفع اسم أحمد الشرع، الذي تتهمه واشنطن بالإرهاب، من قوائم العقوبات والملاحقة، في خطوة فسّرها البعض على أنها جزء من صفقة أوسع تشمل إعادة تأهيل النظام السوري دبلوماسيًا.
تطرح هذه المعلومات التي تكشف حقيقتها الأيام وربما الساعات المقبلة، عدة تساؤلات حول دوافع الإدارة الأمريكية لاختيار سوريا كوجهة بديلة للفلسطينيين.
على الرغم من الدمار الذي خلفته الحرب، لا تزال سوريا تمتلك مساحات واسعة من الأراضي التي يمكن استغلالها لإعادة التوطين، لا سيما في المناطق التي خضعت لإعادة الإعمار.
كما أن دمشق، التي ظلت لعقود ترفض تصفية القضية الفلسطينية، قد تكون وافقت على هذه الخطوة مقابل امتيازات سياسية واقتصادية تضمن لها استعادة جزء من نفوذها الإقليمي.
الاتفاق يتماشى مع مبدأ التاجر من حيث المكسب والخسارة، الذي يجيده ترامب ويعتمد عليه في صفقاته السياسية.
بالنسبة للرئيس الأمريكي فإن مثل هذا الاتفاق سيمثل إنجازًا دبلوماسيًا يعزز موقفه في الشرق الأوسط، ويفتح الباب أمام تحالفات جديدة غير متوقعة.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن الفكرة تتماشى مع خطتها للتخلص من الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة، بينما تجد مصر والأردن نفسيهما في موقف أكثر حرجًا بعد رفضهما المتكرر لاستقبال موجات لجوء فلسطيني جديدة.
رغم تغير الإدارة الأمريكية، إلا أن بعض أركان الاتفاق لا تزال قيد التداول في الدوائر الدبلوماسية.
ومع استمرار التوترات في غزة والضفة الغربية، قد تجد الأطراف المعنية نفسها مجددًا أمام خيار إعادة إحياء هذا السيناريو، ولكن بصيغ مختلفة تتناسب مع المستجدات السياسية.
يبقى السؤال هل سوريا أو بمعنى أصح النظام السوري الجديد مستعد لاستقبال الفلسطينيين؟ رغم أن القيادة السورية ظلت ترفض تصفية القضية الفلسطينية، إلا أن الضغوط الاقتصادية والسياسية قد تدفعها إلى إعادة النظر في أي اتفاق يخفف من عزلتها الدولية.
ومع تزايد الحديث عن إعادة الإعمار ورفع العقوبات، قد ترى دمشق في هذا الاتفاق فرصة للمساومة، خاصة إذا حصلت على تنازلات أمريكية حقيقية.
باختصار.. الأيام القادمة وحدها ستكشف مدى صحة هذه التسريبات، وما إذا كانت سوريا مستعدة للدخول في مثل هذه الصفقة، أم أن الواقع الإقليمي سيفرض مسارًا آخر على القضية الفلسطينية.