هناك قول مأثور يشير إلى أن الفئران تكون أول من يهرب عندما توشك السفينة على الغرق، نظراً لقدرتها على التكيف والبقاء في أصعب الظروف.
استُخدم هذا التعبير في كثير من الأحيان كاستعارة من قبل بعض المحللين السياسيين للإشارة إلى الأشخاص الذين يتخلون عن ولائهم لولي أمرهم عند أول بادرة لأزمة تلوح في الأفق.
بل يتجاوز بعضهم ذلك إلى التنصل منه تماماً وإلقاء كامل اللوم عليه. هؤلاء لا يمتلكون صبراً يُذكر ولا يثبتون طويلاً خلف مَن تبنوا السير في ركابه. ينتابهم الخوف من المجهول، تماماً كالفئران التي تستشعر النهاية فتفر سريعاً.
هذه الفئة تتميز بقرون استشعار دقيقة قلما تخطئ؛ تراهم يتنقلون من سفينة إلى أخرى بحثاً عن القائد الذي قد يمنحهم مكاناً على متنها. لا مبادئ تقيدهم ولا قناعات تحكمهم، وهكذا وُصِفوا بـ«المتحولين سياسياً»، وهو مصطلح وُجِّه إلى أولئك الذين كانوا موالين للملك قبل الثورة ثم أصبحوا من دعاة الولاء للملك الجديد بعدها. شعارهم الدائم «عاش الملك، مات الملك»، وهو ما يعكس انتهازيتهم وتلونهم بما يناسب المرحلة.
ولكن هذه الظاهرة ليست محصورة في بلد معين أو ثقافة محددة، بل هي ظاهرة عالمية يمكن ملاحظتها في أي بقعة من الأرض. يتلون هؤلاء حسب مقتضيات الواقع وظروف المرحلة، ويرفعون شعارات تتغير بتغير الأحوال. في كل مرة يعلنون عن أنفسهم بعبارات تحمل التبرير والتمويه دون أدنى التزام بمبادئ ثابتة.
لم نقصد أحداً !!