في ذكرى اغتيال شكري بلعيد، المناضل السياسي الذي سقط برصاص الغدر أمام منزله، تمر اليوم اثنتا عشرة سنة على رحيله، ليظل هذا الحدث محفورًا في الذاكرة، معلنًا عن مأساة تركت أجيالًا كاملة تتجرع آثارها.
فشكري بلعيد لم يكن مجرد اسم، بل رمزًا لمعركة فكرية دفعت حياتها ثمنًا للاختلاف السياسي. يوم اغتياله لم يكن كأي يوم آخر، بل كان صدمة جماعية وكابوسًا عصف بالبلاد، حيث سجلت أول جريمة إرهابية أدمت تونس في ذلك الحين.
قصة وفاته ليست مجرد حادثة عابرة، بل جرحت النفوس على مدار سنوات طويلة. كيف يمكن نسيان وجعٍ كهذا، وقد ترك خلفه أطفالًا تيتموا دون ذنب؟ والأكثر قسوة هو تهاون بعض القضاة الذين حجبت عدالة القضية لسنوات، وعطّلوا إحقاق الحق في سبيل حماية أحزاب متورطة.
لكن الأيام تدور، واليوم دفع أولئك المفسدون الثمن، فغادروا المناصب والكراسي إلى داخل قضبان السجن، ليصبحوا عبرة لمن يُفرّط في أمانة العدالة ويتلاعب بحقوق الناس.
في ذكرى هذا اليوم الأليم، يبرز سؤال يطرق الأذهان بلا إجابة واضحة: ماذا حقق هؤلاء الجناة حين لطخوا أيديهم بالدماء؟ حين نشروا الرعب وأحكموا قبضتهم بالخوف؟ أي مستقبل أطفأوه للأطفال الذين فقدوا آباءهم؟ أليس هذا هو القهر بعينه؟ كيف يمحى من ذاكرة هؤلاء الأطفال الرعب الذي عاشوه؟ وكيف يتجاوزون اليتم والحرمان وصورة والدهم الذي اغتيل أمام أعينهم؟
الشعور بالأسى لا يتوقف هنا، بل تصاحبه تساؤلات أعمق: من منح إنسانًا الحق في سلب حياة إنسان آخر بهذه الوحشية؟ هذا السؤال يظل معلقًا بلا إجابة واضحة، ليس فقط عن شكري بلعيد، بل عن سلسلة طويلة من الضحايا، من رجال أمن سهروا لحماية الوطن، وضباط جيش قدموا أرواحهم للدفاع عنه، ومعارضين سياسيين كانوا يدافعون عن قناعاتهم، وأبرياء قتلوا بلا ذنب.
الإجابة تبقى عند أولئك المجرمين الذين لا يرون سوى مصالحهم الذاتية على حساب حياة الآخرين. فمهما طال الزمن، يبقى الألم شاهدًا على خذلان العدالة وتلاعب المجرمين بالحياة والمبادئ.