منذ بداية القضية الفلسطينية، لعبت مصر دائمًا دورًا رياديًا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، محافظًة على مواقفها المبدئية رغم تعاقب الظروف والتحديات.
مثلت فلسطين محورًا أساسيًا في السياسة الخارجية المصرية، انطلاقًا من إيمان عميق بأن هذه القضية ليست مجرد شأن خاص بالعرب، بل حق إنساني وقضية عادلة لشعب يسعى نحو استقلاله وبناء دولته فوق أراضيه المحتلة.
لم يكن الدعم المصري مقتصرًا على الموقف الرسمي فقط، بل امتد أيضًا إلى وجدان الشعب المصري الذي ظل طوال الوقت يدعم العدالة الفلسطينية ويرفض أي محاولات للالتفاف على الحقوق المشروعة للفلسطينيين أو تصفية القضية.
على مر العقود، خرجت الجماهير المصرية في مظاهرات مؤيدة لفلسطين في أوقات ومنعطفات تاريخية متعددة، لتؤكد أن القضية الفلسطينية جزء من الهوية القومية العربية والمصرية.
شهدت مصر نشوء حركات تضامن شعبية مع الفلسطينيين عبر الأجيال، إلى جانب مبادرات لدعمهم ماديًا ومعنويًا. كانت هذه الجهود تتمثل في جمع التبرعات وتوفير المساعدات الطبية والغذائية لقطاع غزة، إضافة إلى التعبير المستمر عن الدعم الأخلاقي.
وبجانب ذلك، وقف المثقفون والفنانون والكتاب المصريون في الصفوف الأمامية للدفاع عن الحقوق الفلسطينية من خلال الأدب، الإعلام والفنون بمختلف أشكالها، مسلطين الضوء على أن القضية أعمق من كونها مسألة سياسية وحسب.
منذ نكبة 1948، كانت مصر بين أولى الدول التي دعمت القضية الفلسطينية سواء عسكريًا أو سياسيًا. فقد شاركت في حرب 1948 دفاعًا عن الأرض الفلسطينية وقدمت مساعدة ميدانية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
امتد هذا الدور بعدها إلى المحافل الدولية، بدءًا من مؤتمر باندونغ عام 1955 وصولاً إلى تحركاتها المستمرة في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
لم تغب مصر عن أي مبادرة تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل للقضية الفلسطينية. كان لها دور محوري في اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 التي أكدت على الحقوق المشروعة للفلسطينيين، إلى جانب مساهمتها البارزة في إطار اتفاقيات أوسلو عام 1993 الذي أتاح تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
وباستمرار، حافظت مصر على موقفها الثابت بأن الحل يجب أن يقوم على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
على الجانب الدبلوماسي، كانت مصر دائمًا لاعبًا رئيسيًا في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية. قدمت دعمًا سياسيًا وماديًا مستمرًا للشعب الفلسطيني، خاصة مع زيادة جهودها الدبلوماسية مؤخرًا عبر وساطتها بين الفصائل الفلسطينية ودفعها لإنهاء الانقسامات الداخلية.
كما عملت على وقف العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة وتوفير بيئة حوار تضمن تهدئة طويلة الأمد تصون حقوق الفلسطينيين وتحميهم.
وفي ظل التحديات الحاضرة، يكرر الرئيس عبد الفتاح السيسي تمسك مصر الثابت بموقفها الرافض لأي مخططات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو فرض واقع جديد مخالف لقرارات الشرعية الدولية.
تحت قيادته، تواصل القاهرة دورها كوسيط مؤثر لتسوية النزاعات، مع التأكيد الدائم على ضرورة تحقيق حل عادل يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ويحقق الاستقرار الإقليمي.
باختصار.. على مدار السنوات، لم يقتصر الدعم المصري على الجانب السياسي والدبلوماسي فقط، بل امتد ليشمل الجانب الإنساني أيضًا. فقد دأبت مصر على تقديم مساعدات طبية وغذائية للشعب الفلسطيني، واستقبلت الحالات الإنسانية والمصابين في مستشفياتها، وفتحت معبر رفح لدعمهم في أحلك الظروف.
علاوة على ذلك، ساهمت مصر بتنفيذ مشروعات تنموية عديدة بقطاع غزة لمساعدة الفلسطينيين خلال مواجهة الحصار والمعيشة الصعبة.
رغم كل التحولات الإقليمية والدولية، تظل مصر ملتزمة بموقفها التاريخي كحامية للحقوق الفلسطينية، مدركة أن تحقيق العدالة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هو الحل الوحيد لهذه القضية. ومع استمرار جهودها المتواصلة، تبقى القاهرة داعمًا رئيسيًا للشعب الفلسطيني وحاضنة لقضيته العادلة في جميع الساحات الدولية.