كتاب «الأمير» لمكيافيلي يُعد واحدة من أبرز الأعمال التي أسست لنظرية واقعية في الحكم، حيث فصل بشكل واضح بين السياسة والأخلاق.
في هذا المؤلف، قدم مكيافيلي مجموعة من القواعد الثابتة التي لا تتغير في لعبة الحكم، مستندًا إلى تحليله العميق للتاريخ، وخاصة تجربة الدولة الرومانية، بالإضافة إلى ملاحظاته للدول في عصره. وبذلك حاز على ميزة التفوق بنهجه الواقعي الذي كان مغايرًا لمعظم علماء السياسة الذين سبقوه، مثل ابن خلدون.
اعتمد ابن خلدون في مقدّمته على الفكر المنهجي في المعرفة الذي يُنسب الفضل فيه إلى أرسطو. كما ربط بين السياسة والاجتماع والاقتصاد والفلسفة والتاريخ، مقدمًا رؤية شاملة لفهم ديناميكيات المجتمع والدولة.
على النقيض، ركز مكيافيلي على ترسيخ مبادئ واقعية للحكم، معبرًا عن الحقائق والطبيعة الإنسانية بأبعادها المختلفة. أحد أبرز هذه الأبعاد هو أن سلوك الحاكم ينبع مما يمليه الواقع، وذلك بهدف تحقيق استقرار حكمه.
من هذا المنطلق، جاءت نصائح مكيافيلي موجهة نحو إرساء نظام حكم مستقر، حيث لم يكن متحمسًا لفكرة الحكم الشعبي. بل أكد أن قوة الحاكم تنبع من قدرته على الحفاظ على دولته وتوسيع نفوذه على الدول المحيطة، دون الالتفات إلى المعايير الأخلاقية.
فالغاية بالنسبة له تبرر الوسيلة، بغض النظر عن الأساليب المستخدمة لتحقيقها. بكلمات أخرى، شدد مكيافيلي على أن قوة الحاكم تُقاس بقدرته على فرض نفوذه عبر مختلف وسائل القوة والدهاء، مع التركيز على تطبيق هذا النهج خارجيًا أكثر من الداخل.