القوة الاقتصادية أصبحت البديل العصري للقوة العسكرية التي كانت تسيطر خلال العقود الماضية. يعود السبب وراء ذلك إلى أن تحقيق التفوق العسكري يتطلب موارد مالية هائلة، وهي موارد لا يمكن توفيرها دون وجود اقتصاد قوي ومتين.
اليوم، الصراع الظاهر بين قطبي العالم، الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يأخذ شكل حرب اقتصادية لا تعتمد على الأسلحة التقليدية كالدبابات أو الطائرات، بل تُدار بآليات اقتصادية تؤثر على الاقتصاد العالمي.
في هذه المواجهة، نرى أن كلا القطبين يملك ترسانة عسكرية قادرة على تدمير العالم. ولكن الولايات المتحدة تعتمد في حربها الاقتصادية على أدوات تقليدية مثل فرض الرسوم الجمركية والحظر على استيراد منتجات معينة، بالإضافة إلى محاولاتها المستمرة للحفاظ على سيطرتها على الأسواق التابعة لها حول العالم.
في المقابل، تعتمد الصين استراتيجية مختلفة تمامًا؛ فتقدم منتجات تناسب احتياجات المستهلك مع التركيز على توفير سلع بأسعار منخفضة وفي متناول الجميع.
الصين نجحت في تقديم حلول مبتكرة، مثل إنتاج سيارات ذات جودة عالية يمكن الاعتماد عليها لعشر سنوات تقريبًا، وفي نفس الوقت تقديم سلع استهلاكية أخرى بأسعار مغرية.
هذه الاستراتيجية مكنتها من اختراق السوق الأمريكي نفسه، ما دفع الولايات المتحدة إلى بذل جهود كبيرة للحد من سرعة النمو الاقتصادي الصيني. رغم ذلك، يبدو أن هذه المحاولات لن توقف صعود الصين السريع.
اليوم، العالم ينتظر بفارغ الصبر نقطة التحول التي قد تشهد إعلان هيمنة الصين الاقتصادية وترسيم نظام عالمي جديد بعيد عن هيمنة الدولار الأمريكي. وهذا ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إطلاق تهديدات واضحة لكل من يحاول الترويج لعملة بديلة للدولار في النظام المالي العالمي.