ما فعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الطالب الفلسطيني محمود خليل هو حدث ينبغي أن نتوقف عنده، خاصه وأن هناك العديد من الأسئلة التي تفرض نفسها على ما حدث ابتداء من الرئيس الذي ارتكب مثل هذا التصرف والطالب الضحية مرورا بالشعب الأمريكي الذي يقف متفرجا على ما يفعله هذا الرئيس انتهاء بالمجتمع الدولي خاصة دول أوروبا الذين طالما صدعوا رؤوسنا ليل نهار بدروس عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.
ولأن الحدث فريد من نوعه ومتعدد الأطراف ويحمل العديد من التشابكات فإن الأمر يستلزم وقفه متأنية وعميقة.
الطرف الأول في هذا الحدث الجلل هو رئيس أكبر دولة في العالم والعائد إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات حرة.. عاد بمقتضاها إلى الحكم لكنها عودة غريبة تشير إلى أنها ستكون أصعب من فترته الأولى.
أما الطرف الثاني فهو طالب فلسطيني زوجته أمريكية ويحمل الإقامة الدائمة.. قام بالتعبير عن رأيه بسلمية بعيدا عن أي عنف ورأيه هذا نابع من تعرضه وغيره من أبناء الشعب الفلسطيني إلى أبشع أنواع المجازر التي عرفها التاريخ ناهيك عن احتلال أراضيهم وتجريدهم من أدنى حقوق الإنسان.. وقيامه بالتعبير عن رأيه نابع أيضا من كونه يحمل إقامة دائمة في بلد ينص دستورها على ضمان حرية الرأي والتعبير.. بل إن هذه الدولة تصدع رؤوسنا ليل نهار بديمقراطيتها تلك، وتصدر تقريرا سنويا تجرى فيه محاكمة لدول عديدة بزعم وجود انتهاكات لحرية الرأي والتعبير!
نزل رئيس أكبر دولة في العالم من أعلى قمة هرم للحكم في العالم ليبارز شاب أعزل بجامعة كولومبيا الأمريكية.. ترك ترامب الصراعات التي فجرها في كل اتجاه من الصين إلى المكسيك وكندا ثم أوكرانيا والدنمارك ثم إيران مرورا بأوروبا وانتهاء بغزة.
ترك كل هذا العالم الذي بات يعيش على صفيح ساخن وسط صخب وضجيج لا ينقطع لينال من طالب جامعي لم يخرج إلى الحياة العملية بعد.
نزل ترامب ليبارز طالب جامعي لا يملك من أمره شيئا.. وبدا الأمر وكأن فيلا ضخما نزل إلى حلبة المصارعة ليحارب نملة.
خرج ترامب رئيس الولايات المتحدة ليزف إلى الأمريكيين والعالم بشرى انتصاره على الشاب الفلسطيني محمود خليل الطالب بجامعة كولومبيا بعد إلقاء القبض عليه، ولم تتوقف الأخبار الخطيرة والمثيرة التي أعلنها ترامب للعالم عند القبض على الطالب لكنه قطع عهدا على نفسه بإلقاء القبض على طلاب آخرين وكأنه يقول لهم عليكم أن تضعوا على رأسي أكاليل النصر وتذكروا هذا اليوم جيدا لأنه ربما يكون من الأيام المجيدة في تاريخ الولايات المتحدة لأننا قمنا بإلقاء القبض على الطالب الفلسطيني محمود خليل الذي تظاهر سلميا في جامعته تعبيرا عن رأيه.
إنها مأساة كبرى تعيشها أمريكا هذه الأيام ربما يكون لها تداعيات خطيرة في المستقبل لأن السقوط الذي تعيشه هذه الأيام هو سقوط سريع ومدوي وسنعرف إلى أي مدى وصل هذا السقوط بعد أن نتناول في المقال القادم إن شاء ما كتبه ترامب على منصته بالتفصيل عن الطالب الفلسطيني محمود خليل وزملائه.