يرى الشاعر الكبير صلاح جاهين في قوله إن رغم كون البشر جميعًا ينحدرون من نفس الأصل، ويبدأون حياتهم متساوين، إلا أن الزمن يكشف اختلاف جوهرهم بين الخير والشر.
هذا الطرح يفتح الباب لتأمل الصراع الأزلي الذي تخوضه البشرية، فالحياة منذ أزلها كانت مسرحًا لمعركة دائمة بين قوتين متناقضتين: الخير والشر. لطالما شهدنا في كثير من الأحيان غلبة الشر، لكن قوى الخير تبقى حاملة لأمل النصر النهائي.
غير أن الواقع الذي نعيشه اليوم يبدو مختلفًا. نرى قوى الشر تسيطر على العالم بسطوة لا يمكن إنكارها، بينما يختفي صوت من يدعون للسلام والبساطة، وربما يعود ذلك إلى طبيعة البشر أنفسهم، حيث يمتزج الخير والشر جميعًا في داخلهم، لكن الظروف المحيطة هي ما تحدد المسار الذي يختارونه. العالم الحالي يبدو وكأنه يقدّس قوى الشر، فلا يجد أهل القيم والفضيلة موطئ قدم لهم، بينما يُسخّر كل شيء لخدمة المتحكمين بالسلطة والنفوذ.
لقد أصبح المسيطرون من أصحاب السلاح والمال يملكون مقاليد الأمور جميعها، حتى أن المخالف لهم سرعان ما يُتهم بالإرهاب أو الجنون. نشاهد زعماءً يشنون الحروب، يستبيحون الأراضي ويخططون لتحويل مناطق كاملة إلى مشروع يخدم مصالحهم فقط، دون اعتبار لمن يعيش هناك. قوى الشر لا تترك مجالاً لأي قوة أخرى أن تشاركها السيطرة، وكل من يخالفها يُقصى دون رحمة. وفي النهاية، يظل الأخيار محاصرين في زاوية مظلمة وكأنما كتب عليهم الذهاب إلى الجحيم أمام طغيان الشر.