أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا يعكس نجاح الجهود التي بذلتها مجموعة الدول الإسلامية في الأمم المتحدة للتصدي لظاهرة «غير معقولة ولا منطقية».
وأشار في كلمته، التي ألقاها نيابة عنه السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، إلى أهمية هذا اليوم في تسليط الضوء على تحديات الإسلاموفوبيا وسبل مكافحتها.
إشادة بمواقف غوتيريش ودعوة لمواجهة الصور النمطية
أعرب شيخ الأزهر عن تقديره لمواقف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التي وصفها بـ«النزيهة والشجاعة». وأشاد بفهم غوتيريش العميق للإسلام وتعاليمه السمحة، معتبرًا أن هذه المواقف تشكل سدًّا أمام انتشار الصور النمطية والأحكام المُسبقة التي يروج لها اليمين المتطرف لتحقيق مصالح سياسية قصيرة المدى. وأضاف أن هذه الخطابات تحمي البشرية من تشويه متعمد لجوهر رسالة الإسلام.
الإسلام: دين السلام والمحبة
في توضيحه لمعنى الإسلام، أكد شيخ الأزهر أن كلمة «الإسلام» مشتقة من «السلام»، وهو جوهر القيم التي يدعو إليها الدين من رحمة ومحبة وتسامح. واستشهد بقوله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، موضحًا أن الإسلام هو دين الإخاء والعدل الذي لا يفرق بين البشر على أساس اللون أو العقيدة.
كما أشار إلى سماحة الإسلام عبر العصور، حيث عاش المسلمون قرونًا مع أتباع الديانات الأخرى في سلام وتعاون، مستندًا إلى قوله تعالى: «لا إكراه في الدين».
الإسلاموفوبيا: جهل وتشويه متعمد
وصف شيخ الأزهر الإسلاموفوبيا بأنها «الخوف المرضي من الإسلام»، مشيرًا إلى أنها نتاج جهل بحقيقة الدين الإسلامي ومحاولات متعمدة لتشويه مبادئه السامية القائمة على السلام. وانتقد الحملات الإعلامية التي تروج لأفكار اليمين المتطرف، والتي تصور الإسلام كدين عنف وتطرف. واعتبر هذه الحملات «كذبة كبرى» يقوم عليها التحريف واستغلال أفعال الجماعات المنحرفة التي لا تمثل الإسلام بأي حال.
الدعوة إلى حوار الأديان وبناء جسور التفاهم
دعا الطيب إلى مواجهة التحديات العالمية، كالانقسامات والحروب والكراهية، من خلال بناء جسور التفاهم والحوار. واعتبر الحوار بين الأديان «ضرورة وجودية» لإنقاذ البشرية من الجهل والانغلاق.
وأكد أهمية تشريعات ملزمة وحملات توعية تهدف إلى تعزيز التسامح والاحترام المتبادل لمواجهة الخطابات العدائية، التي تنتشر عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
الإسلام والتنوع الديني: سنة إلهية وجسر للتفاهم
لفت شيخ الأزهر النظر إلى رؤية الإسلام للتنوع الديني والثقافي كسنة إلهية تُثري المجتمعات البشرية، مستشهدًا بقوله تعالى: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة». وشدد على اعتبار مكافحة الإسلاموفوبيا مسؤولية إنسانية مشتركة لكل من يؤمن بقيم العدل والاحترام المتبادل.
دور الأزهر ووثيقة الأخوة الإنسانية
أبرز شيخ الأزهر دور الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في رفع صوت العالم ضد ظاهرة الإسلاموفوبيا. كما أشار إلى «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التي وقعها مع البابا فرنسيس عام 2019، والتي تمثل خطوة مهمة لتعزيز الحوار بين الشرق والغرب وتوطيد العلاقات بين مختلف الثقافات والديانات.
في الختام، وجه شيخ الأزهر نداءً عالميًا لتوحيد الجهود من أجل التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا ونشر قيم التسامح والحوار كأساس لمستقبل أكثر تفاهمًا وعدلًا.