في خطوة مفاجئة تتعارض مع ما يشهده العالم من انخفاض في أسعار النفط، ورغم التراجع الملحوظ في أسعاره على خلفية الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية رفع أسعار المحروقات في مصر لجميع الأنواع.
القرار الذي غالباً يصدر بليل، جاء صفعة جديدة للمواطن المصري، الذي بات يواجه أزمات معيشية متفاقمة دون أي دعم يُذكر، وبات ينتقل إجبارياً في مسارات الحياة إلى مراحل أكثر صعوبة ودرجات ضغط تزداد معها الأيام قسوة، والمعيشة ضنكاً.
مع تكرار فرض الزيادات المتوالية والأعباء على كاهل الشعب، يزداد شعور المواطنين بأن الحكومة تعمل بطريقة خاطئة وتحمل الفقراء والمعدومين نتائج سياساتها الكارثية.
لم تعد الحكومة توازن بين متطلبات الإصلاح ومسؤولياتها الاجتماعية، بل تحولت إلى «حكومة جباية» تبحث عن مصادر دخل سريع، دون النظر لعواقب القرارات على الاستقرار المجتمعي.
الضرائب تتوسع، الدعم يتقلص، الأسعار ترتفع، الطبقات تذوب… فيما الملايين لا يملكون قوت يومهم.
الطبقة المتوسطة، التي طالما شكلت ركيزة الاستقرار في كل المجتمعات، انهارت تحت وطأة الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة، ولم يعد لها وجود. أما الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل، فيواجهون مصيرًا أكثر قسوة، مع تصاعد أسعار الغذاء والمواصلات والكهرباء والمياه، دون أي حماية حقيقية أو رقابة على الأسواق.
القرارات الاقتصادية القاسية، غير المصحوبة بشبكات حماية اجتماعية، تُهدد السلم الاجتماعي وتدفع بالمزيد من المواطنين إلى حافة اليأس.
حالة الغضب المكتوم في الشارع تنذر بانفجار اجتماعي، في وقت تحتاج فيه الدولة إلى تعزيز جبهتها الداخلية، لا الضغط عليها.
الإصلاح الاقتصادي لا ينجح بدون عدالة اجتماعية، ولا يمكن لدولة أن تنهض بينما أغلبية مواطنيها تئن تحت أعباء الحياة.
المطلوب رؤية متوازنة، تُراعي الفئات الأكثر تضررًا، وتضع المواطن في قلب القرار، لا على هامشه.
باختصار.. إن ضعف الأداء الحكومي وتشديد الضغوط على كاهل الشعب يطرح تساؤلات جدية حول التزام الدولة بمسؤولياتها تجاه مواطنيها.
حق الشعب في حياة كريمة هو حق أصيل لا يمكن المساومة عليه، فالمجتمع يتطلع إلى حكومته لتقديم حلول ملموسة تنبع من التعاطف والفهم للواقع الصعب الذي يعيشه الأفراد يومياً، وليس فقط إجراءات تتسم بالجباية وتفاقم المعاناة.
إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من وضع رؤية شاملة تهدف لتحقيق التوازن المطلوب بين السياسات الاقتصادية والمسؤوليات الاجتماعية، مع التأكيد على أولوية رفاهية المواطن وحقه في الحصول على الخدمات الأساسية بكفاءة وعدالة.
لم يعد بالإمكان التغافل عن الأصوات المطالبة بالتغيير، خاصة عندما تكون هذه الأصوات صدى للقلق العام والتحديات اليومية التي باتت ترهق شعباً بأكمله.