تتصاعد أزمة وزير التربية والتعليم، الدكتور محمد عبد اللطيف، يوماً بعد يوم، وسط حالة من الجدل العارم حول مؤهلاته الأكاديمية، والتي باتت محل شك وتساؤل لدى الرأي العام، بعد انتشار تقارير تشكك في صحة حصوله على شهادة الدكتوراه، بل وتطال أيضاً درجة البكالوريوس وتخصصه العلمي.
المثير للقلق أن كل هذا يحدث وسط صمت حكومي مريب، تكتفي فيه الجهات الرسمية بعدم التعليق أو الاكتفاء ببيانات عابرة، بينما تزداد حدة الغضب في الشارع، ويُطرح السؤال بقوة: هل نحن أمام واقعة تزوير؟ أم حملة ممنهجة لتشويه الوزير؟ وفي كلتا الحالتين، فإن غياب المعلومة الدقيقة فتح الباب أمام سيل من التأويلات والاتهامات.
اللافت أن الأزمة انتقلت من نطاق الجدل العام إلى ساحة البرلمان، حيث تقدّم عدد من النواب بطلبات إحاطة واستجوابات تطالب بكشف حقيقة المؤهلات العلمية للوزير، والتحقيق فيما أثير بشأنه.
في المقابل، تحركت جهات قانونية ومحامون متطوعون، أعلنوا تضامنهم مع ما وصفوه بـ«قضية رأي عام»، مؤكدين أن المسألة تمسّ أخلاقيات المنصب، وقيمة التعليم ذاته.
ردود الفعل الغاضبة امتدت إلى المعلمين الذين عبّروا عن إحساسهم بالإهانة، وأولياء الأمور الذين فقدوا الثقة، والطلاب الذين تساءلوا: كيف نثق في منظومة يقودها وزير تحوم حوله الشبهات؟!
الأخطر من كل ذلك، أن زعزعة الثقة في أحد أفراد الحكومة تزلزل بطبيعتها ثقة المواطنين في الحكومة بأكملها، وتفتح الباب أمام حالة عامة من الشك والريبة.
حين يغيب الوضوح، وتلتزم السلطة التنفيذية الصمت، فإنها تترك المواطن فريسة للتكهنات، وتضعف صلته بمؤسسات الدولة.
إن هذا الصمت الرسمي لا يفسر إلا باعتباره إما تجاهلاً للرأي العام، أو خشية من مواجهة الحقيقة، وكلاهما خيار كارثي في لحظة تتطلب أعلى درجات الشفافية والمسؤولية.
لقد تجاوز الأمر كونه مسألة شخصية تتعلق بسيرة مسؤول، ليصبح قضية تمس هيبة الدولة ومصداقيتها. فإن ثبتت الادعاءات، فنحن أمام كارثة لا تقل عن أي فساد إداري أو مالي، بل تفوقه، لأنها تضرب في جوهر القيم التي يُفترض أن تُبنى عليها منظومة التعليم.
وإن لم تثبت، فإن استمرار الغموض لا يخدم الوزير ولا الحكومة، بل يفتح الباب أمام المزيد من التأويل والتشويه.
ما يحتاجه المواطن الآن هو كلمة فاصلة. الحقيقة، ولا شيء غيرها. فالصمت لم يعد يجدي، والشفافية أصبحت ضرورة وطنية.
فهل نسمع الرد الرسمي قريباً؟ أم سيظل السؤال معلقاً: دكتور.. ولا مش دكتور؟