عبّر الفيلسوف الأندلسي المسلم ابن رشد عن استيائه عندما رأى كتبه تُحرق نتيجة لحكم باتهامه بالكفر والإلحاد.
أمر الخليفة المنصور بنفيه إلى مراكش، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى كتابه «الضروري في السياسة».
في هذا الكتاب، حذر ابن رشد من زوال الدولة الأندلسية بسبب استبداد الأمراء بالسلطة وممارسة القهر على الشعب، مقدّمين أنفسهم كأنهم هدية من السماء.
دعا الناس إلى عدم الاعتقاد بأن السلطة مطلقة في يد شخص واحد، حيث يشغل الحكام الناس بحروب وهمية وأساليب تضمن لهم السيطرة المنفردة على الحكم.
بذلك يغرقون الناس في شؤون المعيشة اليومية، مما يجعل الانشغال بالسياسة مستهجناً ولا يجذب أحدًا.
يبدو أن ما جرى في زمن ابن رشد يتكرر في واقعنا العربي الذي يشبه إلى حد كبير مرحلة انهيار الدولة الأندلسية.
استمرت الدولة الأندلسية حوالي خمسة قرون، ولكنها انتهت وتفككت إلى دول عديدة قبل أن يتمكن الأعداء من القضاء عليها نتيجة تمسك الحكام بسياسة القهر والإذلال والانشغال بمسائل شتى.