يعتبر التاريخ سجلًا مليئًا بالحكايات التي تمثل عبرة وعظة لأولئك الذين يستطيعون استفادتها. من بين تلك القصص المعبرة، تبرز قصة البطل محمد كُرَيِم، حاكم الإسكندرية الذي رفض تسليم مدينته للفرنسيين عندما هاجمت القوات الفرنسية المدينة بهدف احتلال مصر.
قاتل محمد كُرَيِم ودافع مع سكان الثغر في معركة غير متكافئة، لدرجة أن نابليون، قائد الحملة الفرنسية، اعترف بشجاعته وصموده ومنحه سلاحه واحتفظ به كحاكم مدني بالتعاون مع الجنرال كليبر الذي أصبح الحاكم العسكري.
ومع ذلك، استمر محمد كُرَيِم في دعم المقاومة، معتبرًا أن الدفاع عن الوطن شرف عظيم. نتيجة للدور الذي لعبه، قبض عليه بتهمة خيانة الفرنسيين وحُكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص.
لكن نابليون خشي أن يذكره التاريخ بأنه الشخص الذي يقتل الأبطال الذين يدافعون عن أوطانهم، لذا حاول تخفيف الحكم بشرط أن يسدد محمد كُرَيِم عشرة آلاف قطعة من الذهب تعويضاً عن قتل جنود الحملة.
توجه محمد كُرَيِم إلى السوق لجمع المال من التجار، حيث أكد لهم أنه لديه أكثر من مائة ألف قطعة ذهب لديهم. إلا أن التجار رفضوا دفع الدين، مدعيين أن المقاومة هي السبب في الدمار الذي لحق بالمدينة وتدهور الأحوال وتشريد السكان.
عاد محمد كُرَيِم إلى نابليون خالي الوفاض، ليقول له نابليون إنه قرر إعدامه الآن دون خوف من التاريخ لأن الشعب الذي قاتل لأجله خان شرفه وفضّل مصالحه التجارية على حرية الوطن. وأُعدم البطل في ميدان عام، محاكيًا من أشعل النار في نفسه من أجل شعب غير قادر.