عندما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل ساعات من مغادرته واشنطن متوجها إلى السعودية إن زيارته للشرق الأوسط ستكون تاريخية، فقد كان يعي ما يقول.
هذا الوصف الدقيق الذي اختاره الرئيس الأمريكي لزيارته كان دقيقا، ويمكن أن نعتبره عنوانا للزيارة والمرحلة أيضا، وربما كان يقصد توصيل رسالة قبل أن يدخل بطائرته المجال الجوي السعودي مفادها أن العودة مختلفة وأنها ربما تحلق إلى آفاق بعيدة.
وعندما قال بيان البيت الابيض في وقت سابق للزيارة أن ترامب يتطلع لـ«عودة تاريخية» إلى المنطقة، في أول زيارة خارجية يجريها منذ إعادة انتخابه فإن ذلك كان بمثابة تأكيد على نفس المعنى الذي قصده ترامب.
وعندما وجه ترامب الشكر لمصر على جهودها في الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر وذلك بالتزامن مع تصريح العودة التاريخية للشرق الأوسط فإن هذا كان له معنى لافت وهو أن هناك عوده إلى الشرق الأوسط بمفهوم جديد.
هذا المفهوم قائم على أسس ومبادئ واضحة أبرزها احترام قيمة وقدر الدول الكبرى في المنطقة مثل مصر والسعودية، وإدراك أهمية محور القاهرة الرياض الذي يعد بمثابة عمود الخيمة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط.
وإذا اضفنا إلى ذلك اختيار الرياض لتكون أول وجهه يقصدها الرئيس الأمريكي في بداية زياراته الخارجية لولايته الثانية وعدم الذهاب إلى تل أبيب والاكتفاء بزيارة الإمارات وقطر بعد السعودية فإن الأمر يحمل دلالات عميقه.
أدرك ترامب أن التعامل مع الدول الكبرى في الشرق الأوسط له أصول وقواعد، وأيقن أن السلام الإقليمي والدولي لن يمر الا عبر بوابة الشرق الأوسط، وتفهم أن أولى خطوات تحقيق النمو الإقتصادي والازدهار والرفاهية لن يكون بفرض الرسوم وارباك العالم وإنما يكون بالتعاون وجذب الاستثمارات من دول الخليج وعلى راسها السعودية التي حققت أعلى معدلات نمو في مجموعة العشرين.
أدرك ترامب أن الحوار والتفاهم وتحقيق المصالح المشتركة هو الطريق الصحيح للتعامل مع الدول الكبرى في المنطقة، وأن النهج الذي سلكه في أعقاب إعلان فوزه بالولاية الثانية من تهجير للفلسطينيين وتحويل غزه إلى مشروع عقاري سياحي كان سلوكا غير مقبول، وأن الدول الكبرى مثل مصر والسعودية لا يمكن أن تقبل بمثل هذا الأمر ابدا، وأن الطريق إلى مستقبل غزه لن يكون الا من خلال التفاهم مع القاهرة والرياض.
أدرك ترامب أن العلاقة مع الدول التي تملك اقتصاد قوى في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية لا يكون الا من بوابة تحقيق المصالح المتبادلة.. فإذا كنت تريد ضخ أموال لتنشيط الاقتصاد الأمريكي فلن يكون ذلك الا من خلال توفير فرص استثماريه تحقق عائدات اقتصاديه مقبولة.
هذا هو المنطق الذي يحكم العلاقة منذ العودة التاريخية لترامب.. فاستثمار السعودية 600 مليار دولار في الولايات المتحدة سيكون من خلال مشروعات استثماريه كبرى تحقق عوائد مرتفعة وهو ما يحقق في النهاية مصلحه مشتركه لكلا البلدين.
عوده تاريخيه تتعاظم معها الآمال من أجل مستقبل أفضل.