القمة العربية التي استضافتها بغداد شهدت محطة فارقة في الخطاب العربي المشترك، حيث ألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كلمة عكست بوضوح مكانة مصر الراسخة ودورها المحوري في قيادة الجهود المشتركة للتعامل مع ما تواجهه المنطقة من تحديات كبرى.
الكلمة حملت في جوانبها رسائل مؤثرة ومعززة لفكرة التضامن العربي، مؤكدة أهمية التكامل بين الدول العربية كسبيل لمجابهة الأزمات الإقليمية والدولية.
افتتح السيسي كلمته بتسليط الضوء على ما تمر به المنطقة من تحديات حساسة، مشددًا على ضرورة استعادة البوصلة التي تأسست عليها جامعة الدول العربية، وهي وحدة الصف والعمل المشترك.
ومع ما تشهده اللحظة الراهنة من تصاعد للأزمات السياسية والأمنية، دعا الرئيس السيسي إلى أن تكون الحلول السياسية هي الأساس لمعالجة هذه النزاعات، ورفض التدخلات الخارجية التي غالباً ما تزيد الأمور تعقيدًا.
لم تغب القضية الفلسطينية عن حديث السيسي، بل حظيت بحضور بارز يعكس التزام مصر الثابت بهذا الملف. كما جدد تأكيده على دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو 1967. كان هذا بمثابة تأكيد رمزي واستراتيجي على أن هذا الملف يجب أن يظل أولوية راسخة في العمل العربي المشترك.
كما لم يتغافل الرئيس السيسي عن الجانب الاقتصادي والتحديات التنموية التي تواجه الدول العربية، مقترحاً رؤية متكاملة تركز على دور التنمية المستدامة كحل عملي وفعال لمعالجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى أهمية إزالة الحواجز وإحراز تقدم واضح نحو التكامل الاقتصادي العربي لخلق مزيد من الفرص وتعزيز التقارب بين الشعوب.
ارتكز خطاب السيسي إلى رؤية شاملة تجمع بين الواقعية والطموح، حيث دعت كلماته إلى اعتماد نهج واقعي يحقق التوازن بين معالجة الأزمات الآنية وصياغة مستقبل واعد للأجيال القادمة. وقد تميزت رسالته بتوجيه نداء صريح إلى جميع الأطراف العربية للعمل بروح المسؤولية وتعزيز جسور التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة.
شكلت كلمات السيسي في بغداد دعوة صادقة ومباشرة نحو تحقيق انطلاقة جديدة للعمل العربي الجماعي، كما عكست قوة مصر ودورها الريادي في تقديم حلول مستدامة وقابلة للتنفيذ.
ومع هذا الخطاب الذي تميز بالمصداقية ورؤية استراتيجية واضحة، تظل الأنظار متجهة نحو الجهود المستقبلية لترجمة هذه الرسائل إلى أفعال ملموسة تكون لها انعكاسات إيجابية حقيقية على مستقبل المنطقة العربية بأسرها.