استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في قصر الاتحادية نظيره اللبناني العماد جوزاف عون، في زيارة رسمية تؤكد على الروابط التاريخية بين البلدين، والتي تمتد جذورها إلى عقود من التعاون المشترك.
تخلل الاستقبال مراسم رسمية تضمنت عزف السلامين الوطنيين لكل من جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية، في مشهد يعكس الاحترام المتبادل والعلاقات الوثيقة بين الشعبين.
اجتماع مغلق يعقبه مباحثات موسعة لتعزيز التعاون المشترك
أعلن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن جدول الأعمال بدأ باجتماع مغلق بين الرئيسين، حيث تم خلاله مناقشة القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية للطرفين. أعقب هذا الاجتماع جلسة موسعة حضرها وفدان رفيعا المستوى من الجانبين، وهو ما أتاح فرصة لاستعراض وبحث عدد من الملفات والقضايا المشتركة.
تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات
ركزت المباحثات على سبل الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي بين مصر ولبنان، مع إيلاء اهتمام كبير لدعم قطاعات الاقتصاد والبنية التحتية والطاقة. كما تم التطرق لجهود إعادة الإعمار، بما يعزز فرص التنمية المستدامة في لبنان، خاصة في ظل التحديات التي واجهتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
آليات دعم استقرار لبنان واستعادة السلم الإقليمي
ناقش الرئيسان أهمية إيجاد آليات فعالة لدعم استقرار لبنان وتعزيز أركانه، باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من استقرار المنطقة بالكامل. وتم التأكيد خلال اللقاء على أهمية تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لضمان استعادة الأمن والسلم الإقليميين، لا سيما مع التحديات الكبيرة التي تشهدها المنطقة والتي تتطلب تنسيقاً مستمراً وتشاوراً متبادلاً.
ختام يعزز آفاق التعاون المشترك
تأتي هذه الزيارة في إطار الجهود المستمرة لبناء شراكات قوية بين الدولتين بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين. ويؤمل أن تسهم المناقشات التي جرت اليوم في دفع عجلة التعاون قدماً، وتفتح آفاقاً جديدة للمزيد من المشروعات المشتركة التي تحقق الاستفادة المتبادلة للطرفين وتعزز من حضور البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، بأن الرئيسين عقدا مؤتمراً صحفياً استعرضا فيه نتائج المباحثات،
وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى العزيز، فخامة الرئيس/ العماد جوزاف عون،
رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة،
السيدات والسادة الحضور،
أستهل كلمتى، بالترحيب بأخى فخامة الرئيس “جوزاف عون”، رئيس الجمهورية اللبنانية الذى يحل ضيفا عزيزا في بلده الثاني “مصر”، تلك الزيارة، التى تحمل فى طياتها رمزية خاصة، فهى تجسد متانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين بلدينا، وتعكس ترابطا يمتد عبر العصور إذ لطالما شكلت مصر ولبنان، نموذجا فريدا، للأخوة العربية الحقيقية.
الحضور الكرام،
تأتى زيارة فخامة الرئيس “عون”، فى مرحلة دقيقة وظرف إقليمى شديد التعقيد لتؤكد عمق العلاقات “المصرية – اللبنانية”، وصلابتها على كافة المستويات .. وتعكس الترابط الوثيق بين الشعبين والحكومتين.
ولقد مثلت مباحثاتنا اليوم، فرصة ثمينة لتبادل الرؤى، مع أخى فخامة الرئيس، حول سبل تعزيز التعاون بين بلدينا، لاسيما فى المجالات الاقتصادية والتجارية.
وأكدنا حرصنا، على دعم جهود لبنان فى إعادة الإعمار، من خلال الاستفادة من الخبرات المصرية الرائدة، فى هذا المجال.
كما شددت على موقف مصر الثابت فى دعم لبنان .. سواء من حيث تحقيق الاستقرار الداخلى، أو صون سيادته الكاملة .. ورفضنا القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكررة، ضد الأراضى اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها.
وفى هذا السياق، تواصل مصر مساعيها المكثفة، واتصالاتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لدفع إسرائيل نحو انسحاب فورى وغير مشروط، من كامل الأراضى اللبنانية .. واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن، لقرار
مجلس الأمن رقم “1701”.. دون انتقائية.. بما يضمن تمكين الدولة اللبنانية، من بسط سيادتها على أراضيها .. وتعزيز دور الجيش اللبنانى، فى فرض نفوذه جنوب “نهر الليطانى”.
كما أجدد اليوم، دعوة المجتمع الدولى، لتحمل مسئولياته تجاه إعادة إعمار لبنان .. وأحث الهيئات الدولية والجهات المانحة، على المشاركة بفاعلية فى هذا الجهد .. لضمان عودة لبنان إلى مساره الطبيعى،على طريق السلام والتعايش والمحبة فى المنطقة.
السيدات والسادة،
لقد تطرقت مباحثاتى، مع أخى فخامة الرئيس “عون” كذلك، إلى تطورات الأوضاع فى قطاع غزة .. حيث أكدنا ضرورة إنهاء العدوان على القطاع فورا، واستئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح كافة الرهائن والأسرى .. مع ضمان دخول المساعدات الإنسانية، بشكل عاجل .. لتلبية الاحتياجات الملحة، للمدنيين الأبرياء فى غزة. كما جددنا التأكيد، على موقف مصر ولبنان الراسخ والداعم للقضية الفلسطينية ..مع رفض أى محاولات تهجير للفلسطينيين،أو تصفية قضيتهم العادلة.
ومن هذا المنبر، ندعو المجتمع الدولى، إلى حشد الجهود الدولية والموارد، لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها، وتمكين السلطة الفلسطينية.. من العودة إلى القطاع والعمل على توسيع الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها “القدس الشرقية” كون هذا المسار، هو الضامن الوحيد، للتوصل إلى السلام الدائم والاستقرار فى المنطقة.
تناولت مباحثاتنا أيضا، الملفات الإقليمية الملحة، وعلى رأسها الوضع فى سوريا الشقيقة .. حيث جددنا دعمنا الكامل للشعب السورى الشقيق وأكدنا ضرورة أن تكون العملية السياسية، خلال الفترة الانتقالية.. شاملة وغير إقصائية .. مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب، ورفض أى مظاهر للطائفية أو التقسيم.
كما شددنا على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، على السيادة السورية .. وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى السورية المحتلة، واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
أخى فخامة الرئيس،
فى ختام كلمتى، أؤكد لكم، أن مصر ستظل إلى جانب لبنان الشقيق، وإلى جانبكم، فخامة الرئيس، وإلى جانب الحكومة اللبنانية، فى كل المساعى الرامية، إلى الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته، بما يلبى تطلعات شعبه النبيل .. ولنعمل معا من أجل
تعزيز علاقاتنا الثنائية فى كافة المجالات .. ليستعيد لبنان دوره العريق، كمنارة للثقافة والتنوير فى المشرق.. والعالم العربى.
لقد كان التواصل بين مصر ولبنان إيجابياً يهدف إلى التنمية والحضارة… فقد كان هناك تواصل بين المصريين القدماء والفينيقيين… وفي العصر الراهن كانت مصر من أوائل الدول منذ الأربعينات التي أقامت علاقات مع لبنان… ومصر ولبنان لديهما جهد مشترك عبر السنوات الماضية في مجال الثقافة والكتابة والشعر … السيد الرئيس… نحن داعمون لك ونتمنى لك كل التوفيق.