فكرة البحث عن الحقيقة تظل دائمًا تشغل ذهن الإنسان الواعي بما يشاهده، إذ يحاول التعبير عنه بالكلمات، لكنه غالبًا يقف عاجزًا عن إدراك السبب الكامل وراء كل شيء.
فالله سبحانه وتعالى يعلم محدودية قدرتنا على فهم الأمور بجميع أبعادها. إن العالم بمختلف أفكاره وقناعاته وقيمه ومبادئه ينشأ من التفاعل بين الوعي والعلم، ويتأثر بهما بشكل متبادل. لكن العنصر الثابت في هذا الكون هو الإنسان.
هذه ليست مجرد أطروحة فلسفية بل حقيقة يقينية يدركها أي إنسان عاقل. الحياة دائمًا تميل لصالح الأقوياء، مهما تغيرت الظروف أو الأحوال؛ فنرى أن قوة العصر تتجلى فيمن يدير هذا العصر.
ولا شك أننا اليوم نعيش داخل عصر القوة الأمريكية، الذي يختلف بطبيعته عن العصر البريطاني أو الفرنسي، حيث أصبح هذان الأخيران جزءًا لا يتجزأ من النفوذ الأمريكي.
نتيجة لذلك، شهد المجتمع تحولًا كبيرًا في قيمه، حيث حلت الأفكار الجديدة محل القديمة، وأصبح الوعي الإنساني متمحورًا إلى حد كبير حول رؤية الولايات المتحدة للحياة والأحداث، سواء كان الحديث عن السلام أو الحرب.
ولا مجال للحديث عن العدل أو المساواة إلا من خلال المفاهيم التي ترسمها القناعات الأمريكية لهذه القيم.
هذا يؤكد أن الأمور الثابتة لا تتغير إلا بقوة تأثير الطبيعة، فهي العامل الرئيسي للتغيير الذي يخفي الحقائق القديمة ليكشف عن العصور الجديدة بقواها المتفوقة. هكذا تتغير الأيام والمراحل بفعل تأثير قوة العصر.
في نهاية المطاف، الحقيقة التي تسود هي تلك التي يفرضها المنتصر، شاملة لقيم ومبادئ المنهزم. وهذا هو جوهر الصراعات منذ بداية التاريخ.