بقلم – عباس الطرابيلى
جميل جداً أن ننفذ هذه الخطة الرائعة لشق ورصف أكبر شبكة طرق وحفر أنفاق وبناء الكباري.. ولكننا نسينا عنصراً هاماً هو الاهتمام بالنقل الجماعي أي بالأتوبيسات والسكك الحديدية.. بل انناـ وبأيديناـ دمرنا أفضل شبكة للترام كنا نمتلكها. وأقصد هنا: النقل بالأتوبيسات بين المدن.. وأيضا داخل المدن.. وكذلك أهملنا ـ حتي نكاد نقول ـ قتلنا نقل الركاب بالقطارات.
وبسبب عدم تطويرنا للنقل بالأتوبيسات داخل المدن.. لجأ الناس الي السيارات الخاصة ونجح بعضهم في تشغيل سيارات الميكروباص والميني باص.. وأخيراً لعب التوك توك نفس اللعبة.. وبسبب كل ذلك اختنقت شوارع مدننا بكل أنواع النقل، حتي نكاد نقول إن شوارع القاهرة الكبري «القاهرة والجيزة وشبرا الخيمة» قد اختفت تماماً وأصبح متوسط سرعة سير السيارات حول 10كم.. ولم نعد نعرف ساعات ذروة.. وغير ساعات ذروة لأن كل ساعاتنا أصبحت ذروة وقريباً ـ ان شاء الله سوف نعلن اغلاق شوارع القاهرة كلها وليس وسط العاصمة فقط..
ونفس الشيء في النقل بين المدن، أو بين المحافظات، واستولت سيارات الميكروباص وأخواتها علي الساحة كلها.. بينما كنا نملك شبكات أتوبيسات معقولة في شرق الدلتا.. وفي غرب الدلتا.. والي محافظات الصعيد.. ويقال ان مافيا نقل الركاب ـ داخل المدن وخارجها ـ هي التي تقرر سياسة الطرق في مصر.. وكما انتهت من حياتنا شركات عبداللطيف أبورجيلة، ومقار، ومصطفي درويش للنقل داخل القاهرة.. تكاد تنتهي شركات الأتوبيسات التي تنقل الركاب عبر المحافظات.. وكانت هناك تسعيرة محترمة لتذاكر الركاب داخل وخارج المدن. أما الآن فإن المافيا هي التي تحدد ـ بل وتفرض ـ التسعيرة التي تريدها.. ان كانت هناك تسعيرة.. لأن كل سائق يحدد السعر الذي يريده!
ورغم جهود الدولة في التوسع في مشروعات النقل تحت الأرض، أي بمترو الأنفاق.. ورغم تزايد أعداد من يركبون هذا المترو تحت الأرض.. الا أن ذلك لا يمنع من شبكة جيدة من النقل الجماعي «فوق سطح الأرض» وتخيلوا عدد ركاب الأتوبيس الواحد، وعدد السيارات من عائلةـ الميكروباص.. ويقولون إن الأتوبيس الواحد يستوعب علي الأقل ركاب 15 ميكروباص.. وتخيلوا كم تستهلك الميكروباصات وتوابعها من وقود.. وكم حجم التلوث الذي تتركه في صدور الناس وتدمير أعصابها.. وهنا نذكر كم يتكلف الكيلو متر الواحد في نفق تحت الأرض وإنشاء طرق علوية، أو انشاء شركات للأتوبيسات.
والحل عندي أن نطرح امتيازات لإنشاء شركات أتوبيس سواء للنقل داخل المدن.. أو بينها.. شركات قطاع خاص، كما كانت في القاهرة الكبري زمان.. وتعرف كيف كان أبورجيلة نفسه يفاجئ جراجات أتوبيسات بعد منتصف الليل ليتابع تجهيزها وتنظيفها لتنطلق في صباح اليوم التالي.. لأن صاحب المال هو الأكثر حرصاً علي ماله، نقصد أتوبيساته.. أما المال العام فهو المال السايب.. ونفس الوضع مع اسلوب النقل «الجماعي» بين المحافظات وتذكروا هنا تجربة السوبر جيت وكيف رحب بها الناس وشجعوها.. وهي شركة قطاع خاص.
نقول ذلك لأن شوارع وطرق مصر تنطلق عليها الآن حوالي 10 ملايين مركبة بين سيارات خاصة ـ وهي الأغلبية ـ وسيارات أجرة.. ثم سيارات نقل. وادرسوا جيداً لماذا يلجأ الناس الي امتلاك السيارة الخاصة.. والأهم ـ هنا ـ ألا ننسي أننا فقدنا عربات الترام ثم التروللي.. وفي الطريق مترو مصر الجديدة.. وهنا نشكر الاسكندرية التي تحاول تطوير المحافظة علي ترام الاسكندرية الشهير!