التاسعُ من ذي الحجة.. أعظمُ أيام الله.. مغفرة للحجيج وللصائمين خارج عرفات.. إنه اليومٌ المشهود.. ركنُ الحج.. تمامُ النعمة.. عيدُ الحجاج.. يومٌ تجتمع فيه كل العبادات.. يومٌ يباهي الله فيه ملائكته بعباده.. فأي درجة للعبد قد وصلها لأن يباهي الله به ملائكته.. إنه مشهد جلال وهيبة.. إنه يومُ المغفرة.. إنه يومٌ إلى الله.. مِنحةٌ ربانية لا تُضاهيها مِنحة.. إنه يومٌ عظيم من الرب العظيم.
ودائماً تمطرُ السماء بالرحمات في يوم عرفة.. ولقد بقي الرسول صلّى الله عليه وسلم في يوم عرفه متضرعاً إلى ربه بالذكر والدعاء، ولما آذنت الشمس بالغروب أقبل رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- على بلال، فقال: يا بلال استنصِت الناس، فأنصت الناس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليفيض على قلوبهم البشرى بالفيض الغامر مِن رحمة الله وعفوه، قائلًا: “أيها الناس أتاني جبريل آنفًا، فأقرأني السلام مِن ربي، وقال: بشِّر أهل الموقف والمشعر أن الله قد غفر لهم، وتحمل عنهم التبعات”، فقال عمر: يا رسول الله، هذه لنا خاصة؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: “بل لكم، ولمَن بعدكم إلى يوم القيامة”، فقال عمر: “كثر خير الله وطاب”.. صدقت يا خليفة خليفة رسول الله كثر خير الله وطاب.. كثر خير الله وطاب.
ويعد الوقوف على جبل عرفات الركنُ الأعظمُ في الحج، ويبعد عرفات عن مكة بمسافة 22 كم، وقد وقف عليه الرسولُ -صلّى الله عليه وسلّم- راكباً ناقته القصواء، وخطب في عرفات أعظم خطبة في تاريخ البشرية “خطبة حجة الوداع”.
ويوم عرفة هو يوم المباهاة ومغفرة الذنوب والعتق من النار، لقوله -صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم ملائكته)، فدل ذلك أن الله غفر لهم.
ويعد الصيام في يوم عرفة من أفضل الأعمال، حيث يكفر الله فيه ذنوب سنتين، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)، وقال: (ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلّا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً).
كما يشكل يوم عرفة فرصة ومنحة ربانية للاقتراب من رب العباد ففيه تنزل الرحمات ويعد من أكبر مواسم المنح الربانية فهنياً لمن لازم تلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار والصلاة على الرسول صلّى الله عليه وسلم، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وصام عن الموبقات بالسان والعين والقلب واليد.
وتعتبر الملازمة على صلاة الجماعة والسنن والنوافل والتطوع من أفضلِ الأعمال في يوم عرفة، ويستحب الجهر بالتكبير مع رفع الصوت، ومن السنة التكبير بشكل فردي، وقسّم العلماء التكبير إلى قسمين: أولهما التكبير المقيد: ويكون بعد الصلوات الخمس المفروضة، ويبدأ بعد صلاة فجر يوم عرفة، وحتى عصر الثالث عشر من ذي الحجة، وثانيهما التكبير المطلق: يكون في أي وقت بشكل فردي، حيث يبدأ في الأول من ذي الحجة.
وقال -صلّى الله عليه وسلم-: (خيرُ الدعاء دعاءُ يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، ومن الراجح أنّ الدعاء يوم عرفة عاماً وليس خاصاً بمن يقفون في عرفات، لأن الفضل خاص باليوم وليس بالمكان، ويختص من كان في عرفة في الجمع بين فضل المكان والزمان، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يوم عرفة، هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له).
كما يستحب الإكثار من دعاء العتق من النار، حيث كان على بن أبي طالب رضى الله عنه يقول: اللهم أعتق رقبتي من النار.
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية