السياسة كما تعلمناها مدارس متعددة متنافسة وليس بالضرورة أن تكون متفقة أو متناسقة فهي كل الأفكار من اليمين لليسار ولا تتفق إلا في شيء واحد فقط هو مصلحة الوطن ولذلك كان لابد لنا من الكتابة حول ما دار في انتخابات مجلس الشيوخ بعد عودته.
تابعت انتخابات مجلس الشيوخ التي أسفرت عن حصول حزب مستقبل وطن على العدد الأكبر من مقاعد مجلس الشيوخ وأعتبر أعضاء الحزب أن ذلك نصرا مبينا وقد مرت تلك الانتخابات إ ن كان من الجائز أن تسمي انتخابات في أيام معدودة في دوائر انتخابية واسعة ولا أعلم هل المدة التي تم فيها هذه الانتخابات كافية للمرشح للقاء أهالي دائرته وتعريفه لهم بنفسه.
وبالطبع سيكون الرد بأنه كان لابد من أن يبدأ حملته مبكرا مادام قد نوى الترشح وهذا صحيح ولكني أظن ان المرشح لو كان يعلم أن دائرته ستكون المحافظة بالكامل بكل مراكزها و قراها و نجوعها لفكر الف مرة قبل الدخول في هذه المعركة فبعض هذه المحافظات مساحتها أكبر من مساحة دول أعضاء بالأمم المتحدة و هي تحتاج لتدبير مناديب اللجان لمراقبة الصناديق الانتخابية إلي حملة كاملة تتكلف ملايين الجنيهات وهذا بند واحد من مصاريف حملته.
وهو ما يعني ضمنا أن المرشح لابد و أن يكون من الأثرياء جدا وهو ما يعني أن هذه الانتخابات خالفت الدستور لأنها جعلت إمكانية الترشح ممكنة لمواطن دون الأخر بسبب الإمكانيات المادية كما أن المدة التي تمت فيها العملية الانتخابية برمتها لا تتسق أبدا مع أتساع الدوائر الانتخابية.
الملاحظة الثانية الموثقة بالصوت و الصورة هو أنتشار ظاهرة توزيع الكراتين و بونات السكر و الزيت لجذب الناخبين للذهاب الي اللجان الانتخابية للتصويت و ذلك لأن ثلث أعضاء مجلس الشيوخ في قائمة مطلقة وحيدة دون أي نوع من المنافسة و هو ما جعل المواطن يعزف عن الذهاب للتصويت فهي قائمة منتخبة دون الحاجة لذهاب أحد للتصويت لها إلا أقل القليل و كأن السياسة في مصر قد ماتت و لم يعد هناك من يطمح أن يكون نائبا عن الأمة في مجلس الشيوخ الموقر فلم تكن هناك قائمة منافسة ولم يجرؤ حزب من الأحزاب علي العمل علي تكوين قائمة منافسة.
لذلك كانت نسب الأقبال علي التصويت متدنية بشكل واضح لا يقبل الجدل و ترسيخ لمبدأ أنه لا انتخابات دون زيت و سكر و هي السياسة التي أبدع فيها تنظيم الاخوان البغيض في الماضي و يسير عليها حزب مستقبل وطن بكل ارتياح ليحصد أكبر عدد من المقاعد و يقيم الأفراح و الليالي الملاح و الاحتفالات بهذا الفوز العظيم.
الملاحظة الثالثة أن الناخب كان ينظر الي اللافتات الدعائية للمرشحين ولا يعلم من هؤلاء فعدد كبير منهم بالفعل ليسوا من نجوم المجتمع السياسي أو الاجتماعي وأنا لا أقلل منهم أو من شأنهم أبدا ولكن المواطن الذي سيذهب لانتخاب النائب لا يعرفه و لم يلتقي به من قبل في غالب الأحيان بعكس معركة مجلس النواب التي يكون المرشح فيها من نفس الدائرة و قد يكون نائب سابق أو سبق له الترشح فيها مما يعني أن الأقبال يكون أكثر كلما ضاقت الدوائر و تصبح المعركة بلا معني كلما كبرت الدوائر.
الملاحظة الأخيرة هي الدعم الواضح من الدولة لمرشحي حزب مستقبل وطن وكأن كل الأبواب مفتوحة لهم ولو فتحنا الباب للمرشحين المستقلين من خارج هذا الحزب لسردوا لنا الكثير من الوقائع التي مروا بها تؤكد هذا الاتجاه فهل سيكون حزب مستقبل وطن هو حزب الدولة كما كان الحزب الوطني من قبل.. سؤال تجيب عنه الأيام المقبلة.
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية