كان يوم الأحد الماضي 18 أكتوبر2020، يومًا مشهودًا.. فعلى المستوى العام، كان يمثل حدثًا تاريخيًا للبلاد التي شهدت عودة مجلس الشيوخ، باعتباره غرفة تشريعية ثانية بجانب مجلس النواب الغرفة التشريعية الأولي، وذلك بعد تطبيق وتنفيذ التعديل الدستوري الأخير، وعلى المستوى الشخصي والخاص، فهو يوم لا يُنسى بالنسبة لي، فقد كان يومي البرلماني الأول، بعد قضاء اثنين وثلاثين عامًا من العمل الحزبي، ومن حسن الطالع أن أكون عضوًا فى أول مجلس للشيوخ في مصر، بعد عودته عقب غياب طويل.
كانت أصوات كافة أعضاء مجلس الشيوخ، ترتفع بهيبة وجلالة في القاعة كلما جاء الدور على أحدهم، لتأدية اليمين الدستورية، وهذه الهيبة جاءت من قوة اليمين الدستورية وقدسيته، فعندما تؤدى اليمين تشعر بالمسئولية المُلقاة على عاتقك، فعضوية البرلمان، ومجلس الشيوخ هى تكليف بخدمة الوطن، تحتاج للجهد والعمل والإخلاص.
اختيار المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، رئيسًا للمجلس هو اختيار صادف أهله، وقد لقي ترشحه ترحيبا من الجميع تقديرًا لتاريخه القضائي، كما أن اختيار المستشار بهاء الدين أبوشقة وكيلًا أول للمجلس كان تقديرًا أيضًا من أعضاء المجلس لقيمته القانونية الكبيرة ولدوره في قمة اللجنة التشريعية بمجلس النواب، كما أن اختيار السيدة فيبى فوزى جرجس جاء تعبيرًا عن احترام دور المرأة وتقديرًا لها، فقد شهد البرلمان لأول مرة سيدة في منصب الوكيل، ولا يمكن أن ننسى تقديم التحية للدكتورة راندا محمد مصطفى واللواء أيمن عبدالمحسن لتقدمهما للترشح على منصب الوكيل، فقد أضافت تجربتهما للعمل الديمقراطي في أولي جلسات الشيوخ.
قطعًا.. لا يمكن أن ننسى أهمية قرار تعيين مائة شخصية عامة ومتخصصة والذين صدر قرار بتعيينهم من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لأنني أعتبرهم إضافة كبيرة للمجلس، لأن بينهم عقولًا مختلفة تمثل اتجاهات وسياسات اقتصادية متعددة، وهذا التنوع سيؤدي إلى تفعيل أداء المجلس بشكل كبير، مع زيادة كفاءته وقدرته.
رأيى.. أن أحد أهم أدوار مجلس الشيوخ، هو مناقشة تشريعات يجب أن تتوافق مع الواقع، وتجب أن تكون هذه التشريعات متعلقة بأفكار خارج الصندوق بما يمثل خطوة للأمام في إطار التشريعات البرلمانية، حتى نتمكن من مساندة المشروع الوطني الذي يستهدف تحويل مصر إلى دولة حديثة، في كافة المسارات.. الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والتعليمية.
طبعًا.. يتعرض أعضاء مجلس النواب لضغط جماهيرى وإعلامي كبير، لأن غياب المجالس المحلية أدي لتحول النواب إلى العمل الخدمي إرضاءً للناخبين، ما جعلهم يبذلون جهدًا كبيرًا عند أدائهم دورهم التشريعي والرقابي، ولذلك ننتظر أن يقوم مجلس الشيوخ بتقليل الضغط على مجلس النواب، خلال الفترة المقبلة، خاصة في مجال التشريعات.
يقول البعض إن مجلس الشيوخ بلا اختصاصات مهمة، ومصدر هذا الرأي، هو أن المجلس ليس له دور رقابي، فهو لا يملك أدوات مباشرة للرقابة مثل الاستجواب والسؤال وغيرها، وإن كنت أتصور أن المجلس له الحق في مناقشة كافة الموضوعات التي تمكنه من ممارسة دور جيد في هذا الإطار، وفي حدود اختصاصاته الدستورية، وإن كان الأمر برمته يخضع لأداء المجلس الذي يستطيع أن يثبت قدراته ما يجعله قادرًا على الإقناع بضرورة تعديل اختصاصاته بعد فترة.
هناك اختصاص واحد لا يحتاج لطرح الرأي فقط، وهو الاختصاص الخاص بمناقشة مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، فهو اختصاص يحتاج إلى البحث والدراسة، ويحتاج إلى دراسة الواقع الحالي وبحث المأمول من خطة التنمية، ونتائجها وتأثيراتها على المواطنين سلبًا وإيجابًا، ومدى قدرتنا على تحقيقها بمشاركة المواطن الذي يجب أن يتحول إلى مُشارك ومُساهم في خطط التنمية، وهي المشاركة التي نجحت بواسطتها مشروعات التنمية فى الصين وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وعدد من الدول التي تمتلك مشروعات وتجارب ناجحة في هذا المجال، وهذه المشاركة تحتاج إلى طرح إعلامي واضح مرتبط بهذه الخطط وشراكة المواطن فيها ومسئوليته عن نجاحها.
ومازلت عند رأيي الخاص، والذي أعلنته عدة مرات خلال مرحلة الدعاية الانتخابية، وهو أن مجلس الشيوخ يجب أن يتحول لـ«مؤسسة برلمانية لها دور مباشر في معاونة رئيس الجمهورية خلال أداء مهامه في مجالات التنمية»، وأعتقد أن اختصاصات المجلس تسمح بأداء هذا الدور دون الخروج عن مسار المجلس، كما أن وجود شخصيات متخصصة سوف يجعل التنفيذ يتحقق بكفاءة، خاصة وأن القانون ينص على توجيه صريح وهو «يجب على مجلس الشيوخ أن يبلغ رئيس الجمهورية ومجلس النواب برأيه في هذه الأمور على النحو الذي تنظمه اللائحة الداخلية للمجلس».
أداء مجلس الشيوخ سيثبت- بإذن الله – أنه يستحق ثقة الشعب الذي وافق على إنشائه.
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية