وراء كل جريمة مخطئ لابد أن ينال عقابه.. نحن لسنا ملائكة، ولكننا بشر نخطأ ونصيب، والتجاوزات لابد من إيقافها فورًا ومعاقبة المسئول – مهما كان موقعه – إحقاقًا للحق وتنفيذًا لدولة العدل وحتى يكون عبرة لكل من يتجاوز.
ما حدث في مستشفتي الحسينية وزفتى – إن صح – فهو كارثة بكل المقاييس. تستوجب أقصى درجات المحاسبة المغلظة، وتحويل كل المتسببين فيها إلى المحاكمة العاجلة دون خجل، فالمخطئين يمثلون أنفسهم ولا يمثلون الدولة، كما أن بتر العضو الفاسد أفضل ألف مرة من استشراء الفساد في حياتنا.
الإعلام الفاسد أصبح وكيلًا ومدافعًا شرسًا عن المتجاوزين بقوة أيً كانت أفعالهم. والتهم جاهزة والحنجورية لا يكتفون بالصراخ ولا يحترمون حرمات الموتى، ولا يهمهم الدفاع عن حقوقهم المسلوبة، وهم في أشد لحظات المرض والضعف والوهن بين الحياة والموت، وطرق دفاعهم البائدة تزيد الناس احتقانًا ورعبًا من المجهول.
نصف الحقيقة دائمًا يقضي إلى نهايات مأساوية. ويزيد الاحتقان في وقت غاب فيه صوت العقل وبات الحصول على المعلومة الحقيقية أشبه بالخيال في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، في غياب الشفافية وصعوبة الوصول إلى الحقائق.
الحقيقة الموثقة تكشفها كاميرات المستشفيات المركزية، وشهادات الأطقم الطبية المعالجين، وأهالي المرضى، وحالات الموت الجماعي ونقص الأوكسجين وغيره من مستلزمات التصدي لفيروس كورونا في المستشفيات ومراكز العزل.
المنازل تحولت إلى أماكن عزل غير مؤمنة للمرضى. في ظل استحالة الحصول على سرير في مستشفيات العزل، حيث فاق عدد المصابين قوتها الاستيعابية، وباتت صرخات المرضى وأهاليهم تتعالى كل يوم في صور إستغاثات على صفحات التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى سرادق عزاء كبير أملًا في النجدة والإنقاذ من عدو شرس لا يرحم.
المصارحة هي بداية المواجهة الحقيقة لكارثة أنذرت الحكومة بقدومها منذ نهاية الموجة الأولى. لكن هل أعددنا العدة لها؟ وهل تعلمنا من أخطاء الموجة السابقة؟ وهل استفدنا من تجارب الدول المتقدمة في سباقها مع الموت؟.
منظومة العلاج والمكافحة في مصر تحتاج إعادة دراسة. وتقييم سريع لتصحيح الأخطاء وتعديل المسار، ومهما كانت التجاوزات فإن الوقت ليس متأخرًا. وأعتقد أن هناك العديد من القرارات الحاسمة التي ننتظر صدورها لتعديل المسار.
أرواحنا أهم ما نملك.. لذا فإن المؤتمنون عليها يجب أن يعلموا جيدًا مدى قدسيتها.