الضجة التي صاحبت البيان المفاجئ الذي قدمته 31 دولة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان حول وضعية حقوق الإنسان في مصر مبالغ فيها.. ولم تكن تحتاج إلى الكم الكبير من الهجوم عليه.. والخلط بين المجلس الدولي لحقوق الإنسان وبين الدول التي وقعت على البيان وامتد الهجوم إلى منظومة حقوق الإنسان نفسها التي مصر عضو أصيل فيها.
وكان يجب التعامل مع البيان بمهنية أكثر والرد على ماورد به بصورة أكثر هدوء من هوجة الإدانة التي لحقت به. خاصة أن علاقتنا مع كل الدول الموقعة على البيان جيدة جدا. و لديهم سفارات في مصر. ولديهم سفراء وموظفون في سفاراتهم.
ولأن الحوار الذي كان يدور مع مندوبي أغلب هذه الدول من المجتمع المدني أثناء انعقاد دورات المجلس الدولي لحقوق الإنسان والندوات الموازية التي كانت تنظم على هامش الاجتماعات كان يحضرها مندوبون عن البعثات الموجودة داخل المجلس بجانب ممثلين عن المفوضية السامية الذين يقدون تقرير للمفوضية على ما يدور داخل هذه الندوات كانت تصححًا كثيرًا من المفاهيم.
والحوار الذي يدور داخل الندوات واللقاءات كانت تثار فيها مثل هذه القضايا، وكانت تتم تصحيح بعض المعلومات الخاطئة التي كانت تصل إليهم من المنظمات الإخوانية أو المنظمات التي تستغل حقوق الإنسان لتمارس عملًا سياسيًا منحازًا وتستخدم لغة سياسية في تقريرها وتشعر فيها رغبة للانتقام ليس من النظام لكن من المصريين.
ومع فيروس كورونا توقفت هذه الأنشطة الموازية بعد قرار إدارة المجلس بعدم عقدها بجانب القيود المفروضة على السفر وارتفاع تكلفته توقفت المنظمات المصرية عن المشاركة في جلسات المجلس على مدار عام كامل وهو ما فتح الباب أمام المنظمات الإخوانية في دول أوروبا التي انتشرت بصورة سريعة بالإشتراك مع المنظمات الأخرى في عقد اللقاءات المكثفة مع مندوبي الدول وتزويدهم بمعلومات حول وضعية حقوق الإنسان في مصر من وجهة نظرهم.
والبيان من الناحية المهنية يفتقد إلى كثير من القواعد. خاصة وأن تناول القضايا بوجه عام وخلط بين المعتقلين الإداريين. وبين المقبوض عليهم بقرارات قضائية من النيابة العامة.. كما ردد بدون وعى ما يردده منظمات الإخوان حول السلطة القضائية في مصر. وعدد من هذه الدول لا يتمتع القضاء فيها بأي نوع من الاستقلال. بل إن القضاء متهم فيها إما بالفساد أو العنصرية .
وهنا يجب أن يتم بسرعة إدارة حوار مع سفراء هذه الدول في مصر وهنا يأتي دور المجلس القومي لحقوق الإنسان. الذي يجب أن يوجه إليهم دعوة من خلال وزارة الخارجية لمناقشة قضية حقوق الإنسان بمنتهى الشفافية ويجب أن نعترف أنه يوجد مشاكل كبيرة في هذا الملف. والرؤية المصرية لمعالجتها لأن فضيلة الحوار وتقديم المعلومات الحقيقية واجب على الهيئات المصرية، كما يجب على لجنتي حقوق الإنسان في مجلسي النواب والشيوخ أن تقوم بزيارات إلى هذه السفارات ومعها ملف متكامل للرد على البيان ويجيب عن كل الأسئلة المطروحة ومعرفة القوانين التي تثير مخاوف هذه الدول حتى تتم إعادة النظر فيها.
أما وزارة الخارجية حسنا فعلت في ردها المقتضب على البيان. وعلى السفراء في كل دول العالم أن يكون جزءًا من اهتمامهم رصد وضعية حقوق الإنسان في الدول. التي يعملون بها والإتصال بكل الهيئات الرسمية وغير الحكومية. والأحزاب السياسية ومناقشة هذا الملف بدون أي اعتبار.
فقضية حقوق الإنسان هي قضية سامية يجب أن نتعامل معها بأن من حق كل الدول مراقبة وضعية حقوق الإنسان. وفق ميثاق الأمم المتحدة. ومن أجل هذا تم إنشاء المجلس الدولي لحقوق الإنسان. ويجب أن نتوقف عن المجاملات في هذا الملف. بحجة أن عدم التدخل في شئون الغير.. فلابد أن يعلو صوت مصر في هذا الملف. وتحسينه حتى يكون لنا الدور الرائد فيه عالميًا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية