القضية الفلسطينية تعنى الكثير ليس للعرب وحدهم، وإنما لكثير من دول وشعوب العالم، وإذا كان لها تأثير مباشر على معظم دول المنطقة، فإن تأثيرها الممتد يصل إلى أوروبا وكثير من دول آسيا وإفريقيا لاعتبارات إنسانية ودينية وتاريخية بعد أن بات الشعب الفلسطينى هو آخر شعوب العالم التى ترزخ تحت وطأة الاحتلال والاضطهاد العنصرى.. وإذا كانت الحرب الأخيرة على غزة لم تختلف كثيراً عن سابقاتها، إلا أنها أعادت القضية مرة أخرى إلى صدارة المشهد الدولى بعد أن تسببت حربا الخليج، ثم أحداث الربيع العربى وما نتج عنها من سقوط عدة دول، وظهور تنظيم داعش، واستدعاء القوى الغربية بزعم محاربته والقضاء عليه، وانشغال معظم الدول العربية بصراعاتها ومشاكلها الداخلية.. كلها أمور أدت إلى توارى القضية الفلسطينية، وعدم الوصول إلى حلول تحقق قرارات الشرعية الدولية، وربما تكون معظم الأحداث التى سادت العالم العربى بهدف شغله وإضعافه وبقائه فى حالة صراع داخلى دائم.. أن تكون إحدى ثماره تجميد القضية الفلسطينية، وخلق واقع جديد يصعب تغييره على الأرض الفلسطينية.
مؤكد أن استعادة مصر قوتها وقدراتها واستقرارها كان بمثابة استعادة التوازن الاستراتيجى فى المنطقة، واستعادة دورها الفاعل الذى يخدم كل القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكان من الطبيعى أن تلعب مصر الدور الأكبر فى وقف العدوان الإسرائيلى على غزة والضفة الغربية من خلال الوساطة بين جميع الأطراف والتحرك الدولى الفعال، وهو دور ثمَّنه كثير من قادة العالم والأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الأمريكى جو بايدن الذى قدَّم الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى فى اتصال هاتفى مؤكداً أهمية الدور المصرى فى تثبيت وقف العنف والعودة إلى الحلول السياسية.. والحقيقة أن عودة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأحداث الدولية مرة أخرى يجب ألا تكون إحدى الفرص الضائعة كما سبق، وعلى القيادة الفلسطينية أن تستثمر قناعة عدد كبير من دول أوروبا والعالم التى تقر بحل الدولتين وبالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
إذا كانت مصر تلعب دوراً فاعلاً فى القضية الفلسطينية، فهو بالتأكيد جزء من الدور الكبير الذى تلعبه مصر الآن على الساحة الإقليمية والدولية، وليس أدل على ذلك من تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن قبل عدة أيام بأن القاهرة تلعب دوراً مهماً فى الاستقرار الإقليمى بمنطقة الشرق الأوسط.. والمؤكد أن هناك معنى ومغذى للاتصال الثانى من الرئيس بايدن مع الرئيس عبدالفتاح السيسي فى أقل من أسبوع وتباحث عدد من الملفات والقضايا الإقليمية المهمة كان من بينها الوضع الليبى، وأيضاً العلاقات المصرية الأمريكية، والملاحظ أن الرئيس بايدن قد أكد قيمة التعاون البنَّاء والشراكة المثمرة بين البلدين، وتطلع الإدارة الأمريكية لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات، خاصة فى دور مصر المحورى إقليمياً ودولياً وجهودها السياسية الفعالة فى دعم الأمن والاستقرار.. ولأن الرئيس بايدن يتمتع بخبرة سياسية عميقة، فقد أكد تفهم واشنطن الكامل للأهمية القصوى لقضية مياه النيل بالنسبة للشعب المصرى، مشيراً إلى عزمه بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائى لمصر، وفى اعتقادى أن التحرك الأمريكى الفعال فى هذا الملف تحديداً سوف ينقل العلاقات المصرية الأمريكية إلى آفاق كبرى.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية