هل يموت الحب الكبير؟ هل يتلاشى من حياة البشر؟ وهل يختفى من حياة امرأة أو رجل بعد موت أحدهما؟
إن الكثير من المسلسلات الدرامية والأفلام على شاشات السينما والتليفزيون التي نشاهدها اليوم تؤكد أن الحياة قطار سريع لا يعترف بمحطة واحدة أو رحلة واحدة. وعلينا أن نكمل رحلة قطار العمر وحدنا أو مع أشخاص أخرين. فليس من المعقول أن يظل الإنسان أسيرا لأناس انتهت حياتهم والحى – كما يقول المثل – أبقي من الميت !!
هذا المفهوم الخاطئ للحب قد تغير ووجد من يخالفه ويصححه منذ سنوات وبالتحديد في فترة الستينيات على شاشات السينما العالمية.. مفهوم يرى أن مواصلة رحلة الحياة والعيش مع الذكريات يرسخ معنى الحب الكبير. وإن من مات لم يمت بل هو حى فينا بذكرياته الجميلة.
هذا المفهوم الإنساني شاهدته مؤخرا و جسدته بوضوح الممثلة الإيطالية الشهيرة «صوفيا لورين» في الفيلم العالمي الرائع «زهرة عباد الشمس».
في هذا الفيلم تلعب «صوفيا» دور الزوجة التي مات زوجها مدفونا تحت ركام جليد روسيا أثناء الحرب العالمية الثانية؛ وبحسب رواية الفيلم ظلت «صوفيا» لا تصدق أن زوجها مات. فلم تشاهد له جثة أو مقبرة رغم سفرها الطويل إلى روسيا للبحث عنه بين جبال وكتل الجليد المتراكمة. وعندما أعياها البحث عادت وتنقلت بين القرى والمدن الروسية فلم تعثر له على أثر. ورغم هذا العناء واصلت صوفيا رحلة البحث. كانت تتفحص يوميا ملامح كل الرجال المارين في الشوارع والميادين. ولم تستثنى عمال الورش والمصانع الروسية ذوي الملامح الإيطالية لعلها تعثر على زوجها بينهم أو شبيه له. فمازال قلبها وعقلها يقولان لها إن حبيبها لم يمت وإنه حزين على فراقها.
وحتى تتأكد «صوفيا» أن زوجها لم يمت شقت طريقها هذه المرة نحو مقابر الإيطاليين بروسيا وأخذت تتجول بين مقبرة وأخرى علها تلمح اسم محبوبها أو تعثر على قصة حب لم تتحول إلى رماد .
بطولة صوفيا لورين في هذا الفيلم جعلنا لا نصدق ما قامت به.وأنها جسدت بإتقان هذا المعنى الإنساني للحب الصادق النبيل. فقد كانت ولسنوات طوال تطل علينا من نوافذ سينما الإغراء فتظهر مرة بصدرها العاري ومرة أخري وهي «تتشقلب» على السرير لتظهر مفاتن ساقيها وثالثة وهي فى البانيو .
ما أتصوره أن صوفيا لورين أرادت بفيلم «زهرة عباد الشمس» أن تتوب توبة نصوحة وخلعت كل فساتين الإغراء وصنعت لنفسها ثوبا حيا للحب الكبير الذي لا يموت. فالفيلم يصحح لنا مفهوم هذا الضياع العاطفي وهذا الجحود والنكران الإنساني للأخر بعد الرحيل عن الدنيا كما يبعث لنا رسالة مفادها :أن الإنسان بعد الموت يمكنه أن يعيش في قلوب الذين أحبوه أبد الدهر .
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية