قبل نصف قرن كان الريف المصري ينعم بالبساطة والهدوء، وتسوده روح الجدية والعمل والاجتهاد. وتزخر أراضيه بشتى المحاصيل الزراعية، ولا يكاد يخلو منزل من الثروة الحيوانية.
وعاش أهل الريف على الاكتفاء الذاتي وحياة المواسم.. وأهمها بالتأكيد موسم القطن الذي كان يشكل محور أحلام معظم الأسر. وتتعدد فيه الأفراح ومناسبات الزواج، والإحلال والتجديد للبيوت. وغيرها من متطلبات الحياة. باعتبار أن القطن كان يشكل محور الحياة في الريف لأنه يشكل أكبر مصادر الدخل في العام.
وكانت تشكل تربية الماشية أحد أهم مصادر الغذاء من اللحوم والألبان. وأيضاً مصدر الدخل والمصروفات النثرية طوال العام. وعاشت كثير من المدن المحيطة للريف وتسمى المراكز على خيرات الريف. وكانت تمثل الأسواق التجارية للريف. وتنتعش أسواقها ومتاجرها، بانتعاش الريف ومواسم الحصاد فيه.
وللأسف تلاشت زراعة القطن في الريف حتى اختفت تماماً في كثير من المناطق، واختفت زراعات أخرى بعد أن حلت محلها زراعة الموالح وهجر أبناء الريف قراهم إلى الخليج والمدن بحثاً عن فرص عمل بعد أن ضاقت عليهم الحياة. وفقد الريف كثيراً من ملامحه وسماته وتبدلت أحواله. وبات بلا هوية بعد أن وقف أبناؤه في طوابير ممتدة أمام المخابز ومحلات الأغذية إضافة إلى المعاناة من افتقاد الخدمات.
الآن، وفي ظل بناء دولة جديدة عادت الآمال والطموحات لأبناء الريف بعد مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي– حياة كريمة- لانتشال الريف من مشاكل كثيرة عاناها، أهمها بالتأكيد الخدمات الأساسية وإنشاء بنية تحتية للريف سواء كانت صرفاً صحياً ومياه شرب وطرقاً وأيضاً دخول معظم الخدمات التي ينعم بها أبناء المدن مثل الغاز الطبيعي وإحلال وتجديد المدارس المتهالكة والوحدات الصحية وإنشاء مجمعات خدمية للمصالح الحكومية وإقامة منشآت رياضية وثقافية بحيث تكون هناك نقلة حضارية شاملة في الريف المصري الذي يضم أكثر من نصف سكان مصر.
يبقى الأهم في هذه المبادرة أن تعود روح العمل والإنتاج إلى الريف. ويعود مناطق جذب واستقرار بعد أن عاش لعقود مناطق طرد إلى المدن. وخلق مناطق عشوائية كثيرة في القاهرة تحديداً. وحتى يستعيد الريف انتعاشه الاقتصادي يجب تشجيع أبنائه على العودة للاستثمار والزراعة للقطن. في بعض مناطق الدلتا التي كانت تتميز بإنتاج القطن طويل التيلة وله مردود اقتصادي وعائد مادي كبير. كما يجب استعادة الريف أيضاً للثروة الحيوانية من خلال قروض ميسرة لإحياء مشروع تربية البتلو. وغيرها من مزارع الألبان والتسمين، وأيضاً تشجيع ربات البيوت على العمل في مثل هذه المشروعات.
وفي اعتقادي أن الاجتماع الأخير للرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمسئولين. لدفع عجلة الإنتاج الزراعي والحيواني والاتجاه نحو التصنيع الزراعي هي خطوة مهمة يجب دمجها في إطار مبادرة حياة كريمة حتى تعود إلى الريف روح العمل والإنتاج في مشروعات صغيرة. تسهم بشكل فاعل في عملية الحداثة والتنمية التي تجرى على أرض مصر.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية