يأتي الثلث الأخير من شهر رمضان لتتعلق قلوب المسلمين في شتى بقاع الارض بليلة القدر، وموعدها في هذه الأيام المباركة، حيث ياتي الثلث الأخير بعد الثلثين الأولين : الثلث الأول للرحمة والثلث الثانى للمغفرة.
وفى الثلث الأخير يتحرى كل مسلم “ليلة القدر” التى أكد الله عز وجل فى كتابه العزيز القرآن الكريم أنها ليلة خير من ألف شهر.
وقال تعالى : “إنا أنزلناه فى ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هى حتى مطلع الفجر”. (القدر 1 ـ 5).
وهنا يقول الله سبحانه وتعالى : إنا أنزلنا هذا القرآن الكريم جملة واحدة إلى السماء الدنيا فى ليلة القَدْر، وهى ليلة الحُكْم التى يقضى الله فيها قضاء السَّنة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).
الجميع يتسائل متى موعد ليلة القدر، وماهو فضلها، وما الأدعية المحببة فى تلك الليلة، ونحن سنجيب على جميع الاسئلة، حيث نوضح ماهي ليلة القدر، وفضل ليلة القدر، بالإضافة إلى موعدها، وأيضا علامات ليلة القدر كما سنذكر الأدعية المحببة فى تلك الليلة العظيمة، والتى أمرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم .
ماهى ليلة القدر؟
ليلة القدر هى من أهم وأجمل الليالى فى العمر، وهى ليلة تغنى عن العمر كله، ومن يصادف تلك الليلة وهو على طاعة الله فقد شهد الخير كله، ومن أقام تلك الليلة فقد بلغ الرضا من الله، ووصل لأعلى الدرجات ويكفيها شرف أن هذه الليلة هى خير من ألف شهر، وهو مايساوى 83 عام وأربعة أشهر أي أن الطاعة والعبادة فى هذه الليلة خير من ألف شهر من الأيام العادية.
والطاعة والعبادة فى هذه الليلة تكون خير من 83 سنه عبادة مستمرة ليل نهار، فمن يستطيع أن يستمر فى العبادة طوال هذة المدة؟، إذن هذة الليلة هى فرصة كبيرة ومنحة عظيمة منحنا الله إياها، ويجب أن نسعى للفوز بها ويكون إحياء الليلة بالصلاة وقراءة القراءان والدعاء الى الله وقد قيل عن هذه الليلة أنها توزع فيها الأقدار، حيث تتنزل الملائكة إلى الأرض وتصعد بصحائف العباد وبأقدارهم خلال العام القادم ، وفى هذه الليلة يقسم الله عز وجل فيها الأرزاق، وليلة القدر تتنزل فيها الملائكة بسلام ورحمة من الله حتى مطلع الفجر .
وقيل أن ليلة القدر سميت بهذا الإسم لأن فيها توزع أقدار العباد إلى السماء الدنيا، حيث تتنزل كل عام من السماء السابعة إلى السماء الدنيا وقيل أيضا لقدرها الكبير وعلو شأنها.
وقد حذرنا النبى صلى الله علية وسلم من إهمال لإحياء هذه الليلة والغفلة عنها، حتى لايحرم المسلم من خيرها وبركتها، حيث أن من حرم خير هذه الليلة فقد حرم كل الخير ، ولا يحرم خير هذه الليلة غير محروم.
موعد ليلة القدر
ليلة القدر فى شهر رمضان، وهى الليلة التى تنزل فيها القرآن ، وتشير جميع الأحاديث النبوية بأن هذه الليلة تكون فى العشر الأواخر من شهر رمضان، وكان رسول الله صلى الله علية وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وهي بالطبع تصادف الليلة الفردية بمعنى ليلة 21 و23 و25 و27 و29 ، وعلية فإن الأفضل هو أن نلتمس ليلة القدر فى العشر أيام الأخيرة من رمضان .
وعند الراجح أنها ليلة 27 ولكنها قد تختلف من عام لآخر، فمثلا قد تصادف في عام يوم 25، وعام آخر يوم 23 وعام يوم 27 ، وآخر يوم 29 وأيضا يوم 21 بمعنى أنه لايصح اعتبارها ليلة ثابتة لأنها تتغير من عام إلى عام.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج للصحابة ليخبرهم عنها، ولكن وجد صحابة يتشاجرون فنسى اليوم أو أنساه الله الموعد بسبب الشحناء والبغضاء، ولكن هذه حكمة من الله لأن لو كانت ليلة القدر ليلة ثابتة ومعروفة للجميع لكان البشر يفعل طوال العام ما يريد من المعاصى والذنوب، على أمل إحياء هذه الليلة، ولكن أخفاها الله عنا حتى نتحراها فى العشر ليالى الأخيرة، ونجتهد فيهم جميعا.
ملحوظة هامة:
بداية الليلة هي من المغرب وحتى الفجر، بمعنى أن ليلة الواحد والعشرون تبدأ فى يوم 20 رمضان ابتداء من المغرب وحتى فجر يوم 21 من رمضان .
علامات ليلة القدر
من العلامات التى تدل علي ليلة القدر:
أن تكون الليلة شديدة الإضاءة ، وتشعر أن السماء تضىء الدنيا دون حاجة إلى نور.
الجو يكون لطيف ورطب ، ويكون الطقس معتدل.
الشعور بفرح وانشراح فى الصدر، وطمأنينة شديدة.
الشمس صبيحة ليلة القدر تكون بيضاء لاشعاع لها حيث تتحول إلى قرص أبيض ويكون هناك نسيم فى الجو.
الشعور بالخشوع فى الصلاة ، ولذة تتمنى ألاتنتهى صلاتك حتى لاتحرم من هذا الشعور .
دعاء ليلة القدر
عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت ياسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ماأقول فيها، قال قولي ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه الترمذي .
اللهمّ إنّا نستعينك ونستهديك، ونستغفرك ونتوب إليك، ونتوكّل عليك، ونثني عليك الخير كلّه، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد، وفيك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذاب الجدّ بالكفّار ملحق.
لا إله إلا الله، المتوحّد في الجلال، في كمال الجمال تعظيماً وتكبيراً، المُتفرّد بتصريف الأمور على التّفصيل والإجمالي تقديراً وتدبيراً، لك الحمد كالذي نقول وخيراً ممّا نقول، ولك الحمد كالذي تقول، ولك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرّضا.
اللهم انصرنا على أنفسنا حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا، استجب دعاءنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وأهلك أعداءنا، ولا تُخيّب فيك رجاءنا، اختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، بلّغنا ممّا يرضيك آمالنا، ولِّ علينا خيارنا، ولا تولِّ علينا شرارنا، ارفع مقتك وغضبك عنّا، ولا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منا، لا تُسلّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يخشاك ولا يرحمنا، طهّر قلوبنا، وأزل عيوبنا، واكشف كروبنا، وتولّنا بالحسنى، واجمع لنا خيريّ الدنيا والآخرة، أصلح أحوالنا، ألّف بين قلوبنا، اختم بالباقيات الصّالحات أعمالنا، برحمتك الواسعة اكشف شرّ ما أغمَّنَا وأهمَّنَا، على الإيمان الكامل، والكتاب، والسّنة جمعاً توفنا، وأنت راض عنا، اجعل القرآن لنا في الدنيا قريناً، وفي القبر مؤنساً، وعلى الصراط نوراً، وفي القيامة شفيعاً، وإلى الجنة رفيقاً، ومن النار سِتراً وحجاباً، ومن النار سِتراً وحجاباً، وإلى الخيرات دليلاً وإماماً، بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.
هذا ونسأل الله أن يوفقنا جميعا ، وننال أجر ليلة القدر وأن يغفر لنا ويتقبل منا صالح العمل ، ويوفقنا لما فيه الخير.