لا شك أن مصر تواجه صراع مفتوح على الجبهات الأربع شرقا وغربا وشمالا وجنوبا في وقت واحد. كما تواجه صراعا اقتصاديا هائلا في الداخل. وكلها صراعات متشابكة لا ينفصل أحدها عن الأخر.
الخطر الأكبر حاليا يأتي من الجنوب ومستمر منذ عشر سنوات وهو خطر على وجود مصر نفسها حيث أن انتصار إثيوبيا ومنع جريان النيل عن مصر بواسطة سد الموت الإثيوبي هو الخطر التي لن تقبل به مصر شعبا وجيشا وقيادة. خاصة وأن مصر تمتلك المقومات والقوة التي تستطيع بها الخلاص من هذا السد اللعين.
ولعل التطورات الأخيرة والمتلاحقة عن انتصارات جبهة التيجراي على الجيش الإثيوبي الفيدرالي وأخرها استيلاء التيجراي على مدينة ديسي الاستراتيجية الهامة وتحالف التيجراي مع جبهة تحرير الأورومو وإعلان وجود النية لمحاصرة أديس أبابا العاصمة نفسها وإعلان آبي أحمد حالة الطوارئ والتعبئة العامة للدفاع عنها بكل أنواع وأشكال الأسلحة وتصريحه بأن هناك مقاتلون بيض اللون أجانب يحاربون في صفوف التيجراي. وصرح لبعض الدبلوماسيين الأفارقة بأنهم من القوات الخاصة المصرية. دليل واضح على أن زمام الأمور قد فلت من يده وأصبح الآن في وضع الدفاع عن العاصمة نفسها.
وخفتت الألة الإعلامية الإثيوبية عن ذكر السد والتباهي به والإعلان عن الكهرباء التي ستخرج منه وتدعم الاقتصاد في إثيوبيا والسودان وكينيا وأريتريا وجيبوتي معا. ولازال آبي أحمد ينتظر من يمد له الحبل لينقذه من الغرق الذي تعيشه أقاليم إثيوبيا ولازالت مصر تتابع عن كثب الأمور في السودان الشقيق والتي لازالت المشاورات فيها مستمرة للوصول إلى حلول وسط بين المكون المدني والمكون العسكري وإعلان تشكيل حكومة جديدة. خاصة أن الأوضاع الاقتصادية في السودان الشقيق لا تتحمل ترف الخلاف الذي مازال مستمرا.
وبذلك يظل الصراع الإثيوبي مستمرا دون بادرة واحدة في الأفق لوقف الحرب الداخلية في إثيوبيا لحين إشعار أخر ويظل الصراع مع تركيا في ليبيا وشرق المتوسط يسجل انتصارا للإرادة المصرية على بقاء ليبيا الشقيقة موحدة وحماية الثروة المصرية من الغاز في شرق المتوسط وتحول مصر إلى مصدر هام من مصادر الطاقة لأوروبا. وخاصة بعد الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة التي تم إبرامها مع اليونان وقبرص.
ولا زال أردوغان يحاول استمالة فرنسا لجانبه حتى يستطيع مواجهة التحالف المصري اليوناني القبرصي شرق المتوسط. وأظنها محاولات يائسة والأشهر القليلة القادمة قد تحمل أخبارا سارة للأشقاء في ليبيا للوصول إلى حل سياسي بين الفرقاء وتعود ليبيا مرة أخري إلى مصاف الدول الطبيعية التي لديها جيش واحد وحكومة واحدة ومصرف مركزي واحد. ويبدأ التعمير فيها بعد دمار امتد لعشر سنوات تأكد فيها الليبيون أنهم بحاجة إلى عودة ليبيا مرة أخري لحضن الحياة. وهو ما يعني عمليا نهاية الأخطار على مصر من ناحية الغرب أيضا شرقها.
أما عن الكيان الصهيوني الخطر الدائم في الشرق فلا زال في محاولاته لكي يصبح كيانا عاديا في الشرق الأوسط ويحاول أن ينسي المجتمع الدولي والعربي أنه يحتل أرض فلسطين العربية ويستخدم الضغوط الأمريكية خاصة لقيام علاقات دبلوماسية واقتصادية علنية. وقد نجح للأسف مع بعض تلك الدول كما يحاول زرع نفسه كمراقب في الاتحاد الأفريقي. وهو ما يجد فيه معارضة حتى الآن. ولكنه في الأساس يسعى إلى خلق فتنة بين الدول العربية. التي تعارض وجوده في الاتحاد الأفريقي بأي صفة. وبين الدول الأفريقية التي تبحث عن مصالحها مع الكيان الصهيوني دون مراعاة لحقوق الشعب الفلسطيني. التي كانت قدس الأقداس للدول الأفريقية.
ولكن الفتنة هي السلاح الذي يستخدمونه دائما لجني المكاسب وتحقيق أهدافهم. وقد كنت أتمنى أن تقوم مصر بدورها بين الأشقاء في الجزائر والمغرب لوأد الخلافات الأخيرة. التي تطورت لقطع العلاقات وتكاد تصل للصراع العسكري. كما أن الأوضاع في لبنان للأسف تتوجه نحو الأسوأ ومن الواضح أن حزب الله سيطر تماما على الدولة بقوة السلاح وهو ما انعكس على العلاقات السعودية اللبنانية وتضامن الإمارات والكويت و البحرين مع المملكة العربية السعودية وهو ما يتطلب جهدا كبيرا من القيادة السياسية والخارجية المصرية لإعادة التوازن إلى لبنان.
وقد قالها لي إعلامي لبناني من قبل. أن الفراغ الذي تركته مصر في لبنان هو من تسبب في وصول لبنان لهذه الحالة. وأن مجرد وجود مصر يبعث الأمان عند كل اللبنانيين.
أخيرا الشرق الأوسط في حالة صراع نشط تبحث فيه تركيا وإيران والكيان الصهيوني. عن المكاسب والغنائم سواء كانت أرضا عربية أو نفطا أو غازا أو مصالح تجارية أو هيمنة على مقدرات الدول. ولن ينتهي هذا الصراع لصالح الأمة العربية إلا عندما تكون مصر القوية حاضرة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية t – F