التقينا في الأسبوع الماضي، على ذكر الزعيم مصطفى النحاس، وحكاياته الإنسانية والوطنية، ويبدو أن حكايات النحاس باشا لا تنتهى، فقد قال لي فؤاد بدراوي سكرتير عام الوفد، معلقاً على مقال الأسبوع الماضي، إن هناك قصة تكشف عشق وحب الوفديين للنحاس، وهي حكاية يرويها فؤاد بدراوي نقلاً عن فؤاد سراج الدين، وحدثت خلال عزاء صبري أبو علم سكرتير عام الوفد الأسبق.
كان النحاس باشا يقف بجوار قيادات الوفد يتلقى العزاء، وفوجئ بدخول مكرم عبيد، سكرتير عام الوفد المنشق، متوجهاً إلى النحاس باشا زعيم الوفد والأمة، وقام بتقبيل رأس النحاس، وقال مكرم عبيد: إذا كان صبري أبو علم قد مات فإن حب مكرم للنحاس لن يموت.. لقد عشت وفدياً وسأموت وفدياً.
وقد حاول فؤاد سراج الدين التقريب بينهما لإفشال محاولات أحمد حسنين والقصر تفجير الوفد ولكنه لم ينجح في ذلك.
حكاية مهمة أخرى تستحق القراءة، سردها الكاتب سعيد الشحات، قال فيها: في 22 سبتمبر 1927 انتخب الوفد مصطفى النحاس، رئيسًا للوفد، خلفًا لسعد زغلول، وفي 17 مارس 1928 شكل وزارته الأولى، وفي يوم 22 يونية 1928 خرجت الصحف التي تصدر في المساء، وفي اليوم التالي ظهرت صحف «الاتحاد» و«الأخبار» و«السياسة» بمانشيتات عريضة هي «فضائح برلمانية خطيرة.. رئيس الوزراء النحاس ورئيس مجلس النواب ويصا واصف يستخدمان السلطتين التنفيذية والتشريعية لمصالحهما الذاتية»!! وتحت هذه المانشيتات نشرت صورة لعقد أتعاب المحامين بعد سرقته من منزل جعفر فخري بك بالإسكندرية قبل ثلاثة أشهر والنصف.
ويؤكد صلاح عيسى في كتابه «حكايات من دفتر الوطن» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة»، أن «النحاس» تقدم ببلاغ يتهم هذه الصحف بقذفه لأنها وصفته هو وزميليه بالمجرمين بالفطرة والنذالة، ورغم ذلك حفظت التحقيق، وأحالت المحامين الثلاثة إلى مجلس تأديب المحامين، لارتكابهم عشرة اتهامات، من بينها، المبالغة في الأتعاب، وعدم قطع «النحاس» صلته بالقضية بعد رئاسته للحكومة (فقد كان يترك العمل بالمحاماة بعد رئاسته للحكومة ويستمر فيها بعد عودته للمعارضة حيث كانت مصدر رزقه).
وأمام مجلس تأديب المحامين وفقاً لعيسى، دارت «واحدة من أكثر المعارك القانونية ضراوة» فند فيها خمسة من ألمع المحامين هم نجيب الغرابلي ومحمود بسيوني وكامل صدقي وحسين صبري ومكرم عبيد كل الاتهامات، ويؤكد صبري أبو المجد في كتابه «سنوات ما قبل الثورة 1930-1952» أن دفاع مكرم عبيد كان في 156 صفحة بالغة الروعة، وجاء فيها: «ليس للسياسة ضمير في أي بلد من بلاد الله، أما في مصر فليس للسياسة عقل أيضاً»، وأنهى مرافعته قائلاً: «اجتمعت في هذه القضية كل عناصر الظلام بل وعناصر الإجرام، فمن سرقة إلى تزوير إلى شهادة الزور إلى شراء الذمم، إلى الدس والتلفيق وكنا في كل ذلك مجنيًا علينا لا جناة، فقولوا كلمتكم حاسمة فاصلة، فإن شعاعًا واحدًا من نوركم يكفى لتبديد كثيف الظلام وكلمة واحدة من عدالتكم أنفذ إلى الباطل من حد السهام»، ويؤكد «أبو المجد»: «في 7 فبراير» مثل هذا اليوم «1929 قضى مجلس التأديب بأن التهم التي أسندت إلى، (النحاس)، و(ويصا)، و(فخرى)، خالية من كل أساس».
هكذا كان «النحاس» حتى وهو رئيس للوزراء.. يواجه الدسائس والمؤامرات من أعدائه أعداء الأمة.
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية