الأخلاق هي عنوان الشعوب، وأهم أسس التحضر للأمم، ولذلك وضعت دول كثيرة مادة تعليمية أساسية لتعليم أبنائها مبادئ وقيم وأساس الأخلاق، بهدف ترسيخ هذه القيمة لكل أجيالها.
مؤكد أن الأخلاق تلعب دوراً أساسياً في تغيير المسار العام للأمة بكاملها، على اعتبار أن الأخلاق والضمير أهم ما ميز الإنسان، وهما دعائم النزاهة والشفافية والشرف والعمل والاجتهاد ومواجهة الفساد والرشوة والمحسوبية، كما أنهما دليل صادق لسلوك المجتمعات ومدى تحضرها.
علينا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة، لأننا أمة تعاني منذ فترة من أزمة حقيقية في الأخلاق، وتنعكس على المجتمع في شكل سلوكيات سلبية كثيرة، وتشكل خللاً جسيماً في المجتمع يتعارض ويتضارب مع كل ما يحدث على أرض مصر من عمل جاد وتنمية حقيقية للانتقال إلى الجمهورية الجديدة بكل ما تعنيه من تطور وحداثة وتحضر.
وهذا التحضر يعنى بالضرورة سلوك المواطن المصري ووعيه بقيمة الخدمات الحديثة والمشروعات المتطورة التي تقدمها له الدولة. وكيفية التعامل معها والحفاظ عليها. وهو أمر يحتاج إلى إنسان لديه قدر من الوعي والضمير والأخلاق تحدد سلوكه مع المنشآت العامة.
مؤكد أن أخلاق الإنسان وسلوكه لا تتجزأ في التعامل مع العام أو الخاص. وهناك دلالات كثيرة تشير إلى أن المجتمع المصري يعاني أزمة حقيقية في هذا الشأن.
وقبل أيام شهد المجتمع فاجعة انتحار فتاة بريئة في عمر الزهور، بسبب عبث أحد معدومي الضمير والأخلاق. بعد أن نشر صورة لها مركبة على صور فاضحة بهدف ابتزازها. وهو ما أدى إلى إصابتها باكتئاب نفسي أدى إلى انتحارها، وتركت رسالة هزت مشاعر الجميع.
وفي اعتقادي أن رسالة «بسنت خالد» موجهة لنا جميعاً وجرس إنذار بخطورة ما يمر به المجتمع على مستويات عدة، وإن كان أخطرها الذباب الإلكتروني الذي يسيطر على وسائل التواصل الاجتماعي، وبات أخطر وسائل الابتزاز والتشهير والإساءة والتشويه وإلصاق التهم الجزافية بالشرفاء بعد أن ماتت ضمائر هؤلاء البشر وانحدرت أخلاقهم إلى الدرك الأسفل، وللأسف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى بيئة فاسدة انهارت فيها كل القيم والأخلاق وباتت أماكن آمنة للتحرش والابتزاز الجنسي وبيئة خصبة للتآمر والابتزاز السياسي.
وهناك من السياسيين الفشلة الذين يستأجرون أعدادا من الذباب الإلكتروني. ومنتفعي العمل السياسي لتشويه خصومهم من السياسيين المحترمين وإرهابهم. والأخطر أن البعض ينجرف خلفهم بدون وعي وإدراك لحقائق الأمور، كما تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ملاذ آمن للنصابين والفشلة في الحياة العملية بعد أن وجدوا ضالتهم في العالم الافتراضي بهدف النصب على المواطنين، فنجد من يدعي أنه رجل أعمال وآخر مستشار وثالث كاتب صحفي ورابع مسئول في وزارة أو أحد الأجهزة، وغيرها من المسميات التي لا وجود لها في الواقع داخل مؤسسات الدولة، وهو أمر أصبح في حاجة شديدة إلى تفعيل القوانين من جانب، وتحديث بعض التشريعات الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي من جانب آخر لمواجهة أزمة المجتمع.
صحيح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تحدث كثيراً في قضية الوعي، وصحيح أن له مواقف كثيرة تهدف لمواجهة الظاهرة، وآخرها قبل يومين عندما أرسل باقة زهور وهدية إلى سيدة الشهامة «بشرى سرور» التي تصدت لشخص يعتدي على طفلين، وهي رسالة من رئيس الدولة لها مدلول هام في أننا يجب أن نستعيد ونرسخ أعظم ما يملكه الإنسان، وهي الأخلاق التي ينطوي تحتها صفات النزاهة والشرف والصدق والأمانة والشهامة والمروءة وحفظ اللسان والإحسان، وغيرها من صفات الإنسانية التي حضت عليها كل الرسالات السماوية، ولخصها أمير الشعراء أحمد شوقي في بيتي شعر هما:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم …. فأقم عليهم مأتماً وعويلاً
حمى الله مصر.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية