عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أرض الوطن بعد زيارة سريعة لأبو ظبي. زيارة الرئيس جاءت تأكيداً لقوة ومتانة العلاقات المصرية الإماراتية. في ظل التهديدات الإقليمية المتزايدة ما بعد هجوم الميليشيات الحوثية. ورفض مصر الشديد أية محاولات لزعزعة استقرار الخليج وأن أمن الخليج هو امتداد للأمن القومي المصري. وهي عبارة ليست من باب المجاملات والقواعد الدبلوماسية بين الأشقاء والحلفاء.
فالواقع يشير إلى اقتران الأمن القومي المصري بالأمن القومي الإماراتي في أكثر موضع. وبعيداً عن تحليلات «السوشيال ميديا» غير المنضبطة عن واقع العلاقات المصرية الإماراتية. وبعيداً أيضاً عن السياق العربي ــــــ العربي فالحاجة ملحة وضرورية لتنسيق وترابط مصري إماراتي تحديداً في منطقة القرن الأفريقي. لما للمنطقة من أهمية استراتيجية جغرافية سياسية (جيوبولوتيكية) كبيرة لكلا الدولتين. فالقرن الإفريقي هو قلب قوس عدم الاستقرار، كما حدده مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق «برجينسكي»، وهو القوس الذي يضم الشرق الأوسط والقرن الإفريقي ومنطقة المحيط الهندي.
كما يقع ضمن الإطار «الجيوسياسي» لمنطقة الخليج الإستراتيجية، وقد لعب انهيار دولة الصومال دورًا مؤثرًا على التحولات الجيوسياسية على منطقتي القرن الإفريقي والبحر الأحمر، والتي سمحت في بداية القرن الماضي لأن تتحول منطقة القرن الأفريقي ساحة تفاعل واسعة للقوى الإقليمية والدولية الحليف منها والمعادي، فهناك حضور قوي وفاعل لكل من: الولايات المتحدة الأمريكية، إيران، قطر، الصين، تركيا، وإثيوبيا، وكذلك إسرائيل، كما مثلت الاكتشافات النفطية الكبيرة في المنطقة محدداً استراتيجياً جديداً ومهماً في إطار التنافس الدولي في المنطقة.
وبطبيعة الحال يشكِّل تزايد النفوذ الإيراني عند باب المندب نتيجة التحالف مع الحوثيين، ومجريات الحرب في اليمن. الممتدة أهم التهديدات لعدد من دول المنطقة، مثل الإمارات والسعودية التي تتزايد هجمات الحوثيين ضدهما. على النحو الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتينياهو بالإشارة بأن إلى «وجود توجه إسرائيلي لتشكيل قوة عسكرية لحماية مضيق باب المندب أمام أية محاولات لإغلاقه»، مؤكدًا أن أية «محاولات إيرانية لإغلاق باب المندب فإنها ستجد نفسها في مواجهة تحالف دولي ضدَّها، ستشارك فيه إسرائيل»، وذلك في ظل مقاومة إسرائيل لأي تنسيق أمني مصري عربي في المنطقة لا تكون فاعلة فيه.
مصرياً: تمثل منطقة القرن الأفريقي أهمية استراتيجية كبيرة عسكرياً، تجارياً، ونفطياً لمصر، إذ تعد العمق الإستراتيجي لمصر وتتصل بشكل مباشر بحماية وتأمين حركة الملاحة العالمية التجارية والنفطية من وإلى قناة السويس، وكذلك حماية وتأمين مضيق تيران في خليج العقبة، كما أن منطقة القرن الأفريقي تؤثر بشكل مباشر في حركة التجارة العالمية كونها تتحكم في حركة الملاحة العالمية من الشرق والغرب عبر مضيق باب المندب، بما يعني أنها تشرف على أحد أهم الممرات الملاحية البحرية، العسكرية، والتجارية في العالم.
لذلك تتجاوز الأهمية الاستراتيجية للإقليم حدود منطقة القرن الإفريقي لتشمل دوائر شرق ووسط وجنوب أفريقيا. كذلك الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، المحيط الهندي، وخليج عدن والخليج العربي.
إماراتياً: تمتلك الإمارات وبفعل الموفورات الاقتصادية تمتلك الإمارات نفوذاً كبيراً وفاعلاً في منطقة القرن الأفريقي؛ وإدراكًا منها للأهمية السياسية والاقتصادية للقرن الأفريقي، تمتلك الإمارات استثمارات مهمة في الزراعة والبنية التحتية في الموانئ، مع زيادة وجودها العسكري والامتداد الدبلوماسي في كل من: إريتريا، والصومال، وأرض الصومال، وبذلك تكون الإمارات قد نجحت في التواجد بقوة في منطقة القرن الإفريقي؛ سواء من خلال القواعد العسكرية، أو من خلال إدارة الموانئ الحيوية في واحدة من أهم مناطق التجارة العالمية على النحو الذي يعزز معه المصالح المصرية والتي تقترن بشكل مباشر بنمط ووتيرة التفاعلات في قضية هامة مثل سد النهضة الإثيوبي على سبيل المثال.
لذلك؛ مثلت تلك التحديات والتهديدات الأمنية والسياسية المتزايدة في المنطقة. دافعاً مهماً للتعاون الذي أثمر عن تشكيل مجلس للدول العربية والأفريقية المحاذية للبحر الأحمر وخليج عدن. في السادس من يناير2020 ضم كل من: المملكة العربية السعودية والأردن وجيبوتي وإريتريا والسودان والصومال ومصر واليمن في الرياض للتوقيع على ميثاق يحدد أسس حوار إقليمي مستدام حول استراتيجيات الاستثمار والتدخل الأجنبي والأمن في الطرق البحرية الحيوية.
وفعلاً وليس قولاً ولا رفاهية فإن تعزيز المصالح الإماراتية هو تعزيز مباشر للمصالح الإستراتيجية المصرية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية