كنت في لقاء مع عدد من الأصدقاء الذين يهتمون بتاريخ الوفد رغم عدم انتمائهم لفكره، ليدور حديث سريع حول التطور الذي حدث في رؤية الوفد والوفديين لمرحلة جمال عبدالناصر، وانتقال الوفد من مرحلة الهجوم الممنهج ضد كل المرحلة، وحتى الوصول إلى تحديد الإيجابيات، وحصر السلبيات، وتحدثنا عن التغير الذى حدث وظهر على مواقف الوفد المختلفة، وتراجعه عن سياسة الهجوم بقصد الهجوم فحسب، وتوجهه نحو الرصد الموضوعي للمرحلة الناصرية.
واتفقنا أن هذه الرؤية الموضوعية للمرحلة جاءت بعد رحيل عدد كبير من القيادات التاريخية التي اكتوت بنار المرحلة الناصرية، وظهور أجيال جديدة، لم تتعرض للمرحلة، ولم تتأثر بقراراتها، وإن كنت أحتفظ شخصيًا برفضي لإجراءات وأد الحريات التي تمت بتسارع كبير، ودون مبرر، ما قضى على فرص متعددة للتطور السياسي والحزبي في مصر.
الحديث مع الأصدقاء الأعزاء، انتقل إلى تفاصيل ما حدث، عام 1984 بتحالف الوفد مع جماعة الإخوان، وخوض انتخابات مجلس الشعب بقائمة واحدة، تحمل اسم الوفد، ما أسفر عن تراجع شعبية الحزب الذي كان عائدًا بقوة، وما نتج عن هذا التحالف أيضاً، من أزمات داخلية، لأن وجود عدد من قيادات الإخوان، رغم قلة عددهم، ضمن الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، أثار سخط عدد كبير من الوفديين، بل ونتج عن التحالف خروج قيادات وقيم فكرية مهمة من حزب الوفد، مثل الدكتور لويس عوض والدكتور فرج فودة.
ورغم أن الوفد تعامل مع مرحلة جمال عبدالناصر بتطور، وتغير، وموضوعية، إلا أن الوفديين مازالوا ينظرون إلى التحالف مع الإخوان باعتباره خطأ منهجيًا وفكريًا وسياسيًا كبيرًا، ورغم أن الزميل الكبير أكرم القصاص، يرى أن فؤاد سراج الدين كانت لديه حكمة وحنكة كبيرة، لأنه حافظ على الوفد، ومنع اختراق الإخوان لتنظيمات الحزب، مثلما حدث، فيما بعد، في حزب العمل الاشتراكي، الذى تعرض للتدمير البنيوي والتنظيمي، عقب اختراق الإخوان له، إلا أن الوفد خسر شعبيًا وسياسيًا بهذا التحالف، رغم تمكنه من منع الفتن الإخوانية داخل الحزب، وداخل الهيئة البرلمانية.
الحديث المهم مع الأصدقاء، جعلني أبحث، عن شهادة موثوقة، تقول لنا حقيقة ما حدث، وتمكنت من العثور على شهادة، أستاذنا الوفدي الكبير، ورئيس شرف حزب الوفد، المستشار مصطفى الطويل، الذي قال كلامًا مهمًا في حديث صحفي يوم 9 أكتوبر 2011 مع زميلنا العزيز عادل الدرجلي، في المصري اليوم، حول التحالف مع الإخوان عام 1984 باعتباره شاهد عيان.. قال المستشار مصطفى الطويل:
اعترضت من اليوم الأول ولم أوافق أبدًا على هذا التحالف، فقد كنت ممن حضروا اتفاق الوفد مع الإخوان في انتخابات 1984، وكنت وقتها عضوًا في مجلس الشعب، وحضرت لقاءات التنسيق بين فؤاد باشا سراج الدين زعيم الوفد، وعادل عيد المحامي والممثل لجماعة الإخوان في التنسيق الانتخابي وكان وجه عيد مألوفًا ومقبولًا من الوفديين فهو شخصية معتدلة.
ماذا تم في هذا الاتفاق؟
– اشترط سراج الدين لاستكمال التحالف مع الإخوان أن يكون مرشح الجماعة تحت عباءة الوفد، ويعمل بأمر حزب الوفد داخل مجلس الشعب، ولكن الإخوان نقضوا عهدهم واتفاقهم مع سراج الدين ومن أول جلسة للبرلمان انفصلوا عنا وحددوا مقاعد لهم وبدأوا يطالبون بتطبيق الشريعة، ونسوا الاتفاق الذى تم بيننا، فعادة الإخوان هي نقض أي اتفاق معهم إذا لم يكن في صالحهم، والجماعة تخلط بين الدين والسياسة للوصول إلى السلطة وهو أمر لا يجوز.
وما كان موقف الوفد بعدها؟
– ندم فؤاد باشا سراج الدين على تحالفه معهم، وقرر عدم التنسيق معهم بعدها أبدًا لأنهم خانوا الوفد في 1984 وحذرنا وقتها من التحالف، ولكن السياسة لابد أن تخطئ فيها حتى تتعلم.
■ ولماذا تحالف الوفد مع الإخوان عام 1984؟
– كانت تجربة وكنا نتصور أننا بتحالفنا معهم سنحصل على الأغلبية التي تمكننا من الحكم.
■ إذًا.. الوفد أراد أن يستفيد من قوة الإخوان؟
– لقد دخلنا التحالف أملًا في أن نكون جبهة قوية تجنبنا الخلافات التي قد تحدث في الانتخابات.
■ هل كنت تتوقع فشل التحالف بسبب اختلاف الثوابت والتوجهات بين الوفد والجماعة؟
– نعم وقلت هذا داخل الوفد فأحد ثوابتنا هو الوحدة الوطنية، في الوقت الذى تفرق فيه الجماعة بين المسلم والمسيحي والرجل والمرأة، فهم لا يقبلون أن يتنامى دور المرأة وكذلك المسيحي، في الوقت الذى يؤمن فيه حزب الوفد بأن المصريين جميعًا سواء أمام القانون، ولهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات.
> هذه شهادة الرمز الوفدي الكبير المستشار مصطفى الطويل، وهى تعنى شيئًا واحدًا…«الوفد والإخوان نقيضان لا يلتقيان».
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويترلمتابعة أهم الأخبار المحلية