كثيرون لا يعرفون أن الأستاذ محسن عوض – الذي فقدناه يوم الخميس بعد تاريخ حافل من العطاء – حمل الفقيد على كتفيه قضايا حقوق الإنسان وهموم الوطن العربي.. فرغم انه كان موظفًا كبيرًا في رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس الراحل السادات.. إلا انه لم ينس قضايا وطنه.
ووفق بيان المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن الراحل الكبير قد شارك في خوض العديد من جولات الصراع مع العدو الإسرائيلي في شتى مجالاته السياسية والأمنية والعسكرية، ولقيت جهوده نجاحاً بارزاً حملة ليكون عضواً عاملاً في غرفة علميات الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973.
وما أدراك أن تكون في وظيفة رفيعة في رئاسة الجمهورية من نفوذ وسلطة وقوة إلا أنه مع زيارة السادات لعاصمة الكيان الصهيوني استقال في التو واللحظة وقاد حملة شعبية ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني.
أما في مجال حقوق الإنسان فقد كان أحد المؤسسين لها على المستوى العربي فقد شارك في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ووضع أسس عملها مع الأستاذ محمد فائق، المستمرة حتى الآن.
فهي المنظمة العربية الأم وهي المنظمة الأكثر مصداقية في الوطن العربي وعاش مع المنظمة أزماتها منذ رفض الدول العربية الاعتراف بها وأصبحت تعمل كأمر واقع في مصر.. بداية من شرفة في مقر اتحاد المحامين العرب وحتى شقة ميدان أسوان ثم المقر الحالي وحتى ما تعانيه الآن من تضييق مالي إلا أنها قادرة على القيام بدورها.
وضع عوض منهجية تقارير المنظمة السنوية وهي المنهجية التي ضاهت التقارير العالمية الصادرة من منظمات عريقة حول حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي والتي تصدر سنويا اعتبارا من عام 1987 وحتى الآن.
ووضع منهجا تحليليًا تعلمنا منه آليات رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ورصد الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الدول في مجال حقوق الإنسان مما أعطى هذه التقارير مصداقية أكثر من التقارير الدولية التي تركز فقط على الانتهاكات.
وأعطى الفقيد نموذجا فريدا عندما استقال من عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان في ديسمبر 2011 على خلفية عدم تعاون السلطات مع الشكاوى التي تولى مسئولية اللجنة المختصة بها.
وتم اختياره عضواً في المجلس مرة ثانية بعد ثورة يونيو 2013 في الدورة التي استمرت حتى ديسمبر 2021 وقام بتطوير لجنة الشكاوى فيه وشارك في إصدار التقارير السنوية لوضع أسس مراقبة الانتخابات التي شهدتها تلك الفترة.
لقد عرفت الفقيد الغالي منذ قيامي بتغطية هذا الملف في منتصف الثمانينات وقتما كان من يعمل أو ينشر اخبارًا عن انتهاكات حقوق الإنسان يعد عميلًا وخائنًا ولكنه كان يشجعنا ويعلمنا وعرفنا على يديه ماذا تعنى حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وفلسفة حقوق الإنسان وتدربنا على يديه على كيفية تناول قضايا حقوق الإنسان في الصحافة والاعلام.
فقد كنت في الأسبوع الماضي مع الزميل والصديق علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، واتفقنا بأن نقوم بزيارة له واتفقنا أن ننسق هذه الزيارة في الأسبوع الجاري إلا أن قضاء الله وقدرة كان أسبق، رحم الله الفقيد الغالي.. لا نملك الآن إلا الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وأن يدخله فسيح جناته والتقدم بخالص العزاء لأسرته ولأسرة حقوق الإنسان العربية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية