وافق البرلمان في جلسة طارئة على التعديل الوزاري الخامس لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، والذي شمل نحو 13 حقيبة وزارية، وهو التعديل الأكبر عدداً على الحكومة.
حكومة الدكتور مصطفى مدبولي هي الوزارة الرابعة والعشرون بعد المائة في تاريخ مصر، حيث كلف بتشكيل الوزارة في 7 يونيو 2018، وأدت الوزارة اليمين الدستورية في 14 يونيو 2018، أي أنها تجاوزت حاجز الــ 4 سنوات، وهناك وزراء استمروا في مناصبهم ما يقرب من 7 سنوات، منذ حكومة المهندس إبراهيم محلب الأولى يونيو 2014، حيث ظلوا على رأس حقائبهم الوزارية رغم وقوع أكثر من 5 تعديلات وزارية للحكومة أو تعديلها.
الملاحظة الأولى؛ تتعلق بنهج التعديل ذاته، خاصة فيما يتعلق بالوزارات الخدمية في قطاعات التعليم، الصحة، والتعليم العالي، حيث تم اللجوء لوزراء من داخل البيت، في إطار حكومة تكنوقراط، على دراية تامة بملفات كل قطاع، وإدراك واسع لمعوقاته وتحدياته، ومن ثم الدخول السريع في تفاصيل القضايا، مع وجود الخبرات اللازمة لوضع حلول عاجلة لتلك المشكلات المعلومة للجميع.
الملاحظة الثانية؛ بداية التعاطي الجيد للدولة مع ملف الصناعة، اختيار النائب أحمد سمير رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب وزيراً للصناعة، والذي شغل من قبل منصب أمين سر لجنة الصناعة بالمجلس ثم أصبح بعد ذلك رئيسًا للجنة الصناعة، عديد التجارب السابقة أثبتت الفارق الكبير في التوجهات والسياسات إذا كان الاختيار لوزير مُصنع، أو اختيار وزير للصناعة من كبار موظفي الوزارة.
الوزير الجديد لديه خبرة جيدة في ملف التجارة والصناعة كونه رئيسا للجنة الاقتصادية بالبرلمان، وكان له دور بارز في العديد من الملفات الصناعية، خاصة بتطوير مصانع قطاع الأعمال، كما أنه على دراية تامة بالأطر التشريعية المطلوبة لدفع الصناعة المصرية، وكذلك العقبات التي تعترض مسار تعميق الصناعة المصرية من؛ إشكاليات مرتبطة بالطاقة، عقبات التصدير، واستيراد الخامات، نظام الجمارك الجديد، ومنظومة الضرائب.
كما أن وزير التجارة والصناعة الجديد لديه القدرة على التواصل مع الصناع بشكل أفضل نظرا لكونه واحدا منهم، ما يعني رغبة واضحة من الدولة لدعم الصناعة والقطاع الخاص. كما أن اختيار الوزير أحمد سمير واكبه أيضاً اختيار رئيس جديد للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو تنفيذي متمرس يتمتع بخبرات كبيرة في مجال الاستثمار، لذلك ننتظر تعاون مثمر وطيب بين الرجلين لدفع قاطرة الصناعة والاستثمار في مصر.
الملاحظة الثالثة؛ تتعلق بالجدل المثار حول رحيل وزير التعليم السابق الدكتور طارق شوقي، ما بين التأييد والمعارضة، هذا الجدل اظهر انقسام كبير لدى شريحة كبيرة من عموم المصريين حول مدى استيعاب البرامج والسياسات الجديدة خاصة في القطاعات ذات الصلة المباشرة بالمواطن، مثل التعليم والصحة، والضرائب. هذا الانقسام أثبت أيضاً أن المشكلة ليست شخص الوزير، هنا نعود إلى إشكالية التسويق السياسي للسياسات العامة، فالجدل الدائر حول وزير التعليم يعكس سؤلاً هاماً حول المدركات الخاصة بتطوير التعليم المصري من ناحية، والقناعات السائدة لدى العموم تجاه التعليم من ناحية أخرى. كذلك يثير العديد من التساؤلات حول مدى فاعلية العملية التسويقية التي قامت بها الحكومة ووزارة التربية والتعليم في الترويج لبرامج تطوير التعليم منذ عام 2019 على النحو الأمثل؟.
ويجب الإقرار بأنه لا تزال هناك حلقة مفقودة ما بين المواطن المصري والمنتج السياسي المقدم له، فالصورة والمدرك العام لدى المواطن المصري داخلياً حول الإنجازات المتتالية للدولة المصرية منذ 2014، لا تزال غير كاملة ومشوشة في بعض الأحيان بفعل التأثيرات المضادة من الذباب الإلكتروني الذي يطن بالأكاذيب ليل نهار خارجياً وداخلياً لتشويه كافة الإنجازات التي تتحقق على أرض مصر.
الملاحظة الأخيرة؛ لا تحكم على أحد قبل أن تسمع منه وترى عمله، فما أن تم الإعلان عن التعديلات وموافقة البرلمان عليها، حتى وقع الوزراء الجُدد تحت مقصلة الأحكام السريعة للرأي العام خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى قبل أن يؤدي الوزراء الجُدد اليمين الدستورية أمام السيد رئيس الجمهورية، وهي الملاحظة التي تستدعي الاهتمام والتحليل.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية