الصدمات التي واجهها العالم في السنوات القليلة الماضية مثل فيروس كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، جعلت كثيراً من الدول تعيد حساباتها واستراتيجيتها على المستويات الاقتصادية والسياسية.
لا شك أن مصر من الدول التي تأثرت مثل معظم دول العالم جراء الأحداث المتلاحقة وأدت إلى ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار، وباتت في حاجة إلى إعادة ترتيب أولوياتها، واستغلال كل الفرص المتاحة لاستغلال ثرواتها وكنوزها الطبيعية وإمكانياتها البشرية بهدف النهوض اقتصاديًا، وهذا لن يتأتى إلا من خلال تقليص الفجوة بين الواردات والصادرات، وتعظيم الاستفادة من كل الإمكانيات التي تمتلكها الدولة.
وإذا كانت مصر قد استطاعت في سنوات قليلة تحقيق قفزات هائلة تحدث لأول مرة مثل إعادة البنية الأساسية في شكل يضاهى ويفوق مثيلاتها العالمية سواء في شبكة الطرق والكباري وقطاع المواصلات، وأيضاً مضاعفة المساحة العمرانية من خلال عشرات المدن الجديدة والحديثة إضافة إلى مشروع حياة كريمة الذي يعيد الحياة للريف المصري.. إلا أننا الآن في حاجة إلى تنشيط قطاعات هامة لها عوائد اقتصادية كبيرة للدولة مثل قطاع السياحة.
الحقيقة أن مصر واحدة من الدول القليلة التي تمتلك ثروة تاريخية فريدة، يمكن أن تضعها على رأس المقاصد السياحية في العالم، وأمامنا دول مثل فرنسا وإسبانيا تحقق عوائد خيالية من هذا القطاع، وهناك دول لا تمتلك جزءاً ضئيلاً من التراث وتحقق عوائد منه أكبر من مصر ودول أخرى حديثة جدًا استطاعت جذب الحركة السياحية وتحقيق عوائد كبيرة، وكل هذا معناه أن هناك معوقات تواجه هذا القطاع وتحتاج إلى مراجعة وقرارات وإجراءات حاسمة من الحكومة لتحقيق الاستفادة القصوى من الثروات التي تمتلكها مصر في هذا الجانب.
لقد حان الوقت أن تعيد الحكومة أولوياتها وأن تستفيد من كنوز هذا الوطن الكثيرة والمتنوعة سواء كانت أثرية وقديمة مثل الحضارة الفرعونية التي تتفرد بها مصر وتزخر بها مدن مثل الأقصر وأسوان وأبو سمبل والمنيا وغيرها في باقي المحافظات، إضافة إلى الأهرامات وعشرات المتاحف التي تضم آلاف الكنوز الأثرية وتجذب الملايين حول العالم.
أيضاً هناك السياحة الدينية في منطقة سانت كاترين ورحلة العائلة المقدسة، وهناك السياحة الشاطئية والعلاجية في مدن شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي والوادي الجديد، كما يجب استغلال التغييرات التي حدثت واستعادة وجه مصر الحضاري وافتتاح المتحف العالمي الجديد وغيرها من عوامل الجذب السياحي ومنها الاستقرار الذي تتمتع به مصر الآن.
علينا أن نعترف أن هناك معوقات كثيرة ي هذا القطاع، جعلت البعض لا يرغب في الاستثمار السياحي، وهناك مذكرة معروضة الآن على الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء تكشف عن أحد الجوانب السلبية، منها على سبيل المثال تعدد الجهات التي يمر بها إنشاء مشروع سياحي وهي جهاز شئون البيئة، والهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ والمكاتب الاستشارية للبيئة وتراخيص البناء وموافقة إحدى الجهات السيادية، و5 جهات أخرى داخل المحافظة السياحية.
ومعنى هذا أن المستثمر يحتاج إلى عام على أقل تقدير للحصول على ترخيص بمزاولة النشاط إذا ما وافقت كل هذه الجهات وإذا رفضت جهة واحدة يحدث شلل للمشروع، وهذا جانب واحد من الجوانب المتعددة في النشاط والجذب السياحي وبات في حاجة ملحة إلى التدخل السريع.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد