طالعتنا الصحف والمواقع الإلكترونية بخبر القبض على أحد الباعة الجائلين بالمنطقة الأثرية بـ أهرامات الجيزة والغاء تصريحه على خلفية فيديو حظى بتداول واسع عبر «يوتيوب» يرصد إلحاح أحد العاملين على سائح لتصويره واستقلال جمل مقابل مبلغ مادي، والذي كان محل رصد ومتابعة من الأجهزة الأمنية بالجيزة. وهذا خبر جديد قديم لكنه لا يمكن أن يمر الان مرور الكرام.
بالتوازي مع هذا الخبر شهدت عديد البرامج الحوارية ومنصات التواصل الاجتماعي حديثاً متصلاً حول أهمية السياحة بالنسبة لمصر مع مقارنة بالوجهات السياحية المنافسة في كل من تركيا ودبي واليونان، وانتهاءً بمالطا وألبانيا اللتان أصبحتا من الوجهات السياحية المستهدفة لانخفاض سعرها.
هنا يجب أن نتوقف مع أنفسنا ونسأل السؤال التالي: هل نحن دولة سياحية؟ أم دولة أثرية؟ باعتبار أننا نمتلك ثلت أثار العالم. الحقيقة أن البداية الصحيحة لإجابة هذا السؤال تكمن في الفصل ما بين السياحة والأثار، فليس معنى أننا نمتلك كل هذا الحجم من المواقع الأثرية أننا دولة سياحية.
صحيح أن مصر احتلت المرتبة الـ51 من بين 117 دولة، وتحسن مركزها على مؤشر تطوير السفر والسياحة، الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي، حيث تقدمت 6 مراكز على مؤشر 2021، وتقدمت مصر 18 مركزًا في مؤشر تنافسية السياحة والسفر في الفترة من 2015 وحتى 2019.
كما نجحت السياحة في تحقيق معدل إرادات بلغ 12.6 مليار دولار في عام “2018 – 2019” بعدما كانت الإيرادات في عام «2013 – 2014» أكثر من 5 مليارات دولار فقط، لكن ليس معنى ذلك أننا في مستوى مثالي فيما يتعلق بجودة المنتج السياحي المصري رغم كل المقومات الأثرية والمناخية والسعرية.
يجب الإقرار أننا نعاني فيما يتعلق بـ «ثقافة السياحة» التي تكاد تكون مفقودة تماماً بدءً من المطارات بوابات مصر الأولى للسائح وانطباعه الأول، وانتهاء بالفنادق والمقاصد والمواقع السياحية والأثرية وحتى المقاهي ووسائل الانتقال، هناك ارتباط معنوي كبير، وذو دلالة بين مكونات الوجهة السياحية وصورتها الذهنية الواقعية وليست التسويقية، المدركة من قبل السياح الوافدين إلى مصر.
ومع الأسف اختزلنا مشكلات السياحة المصرية في قضايا الترويج والتسويق، والأسعار والفنادق وغيرها من الأمور الفنية، وتركنا العنصر البشري ممثلاً في وعي كل مواطن مصري بأهمية السياحة لمصر، وليس فقط من يتعاملون بشكل مباشر مع السياحة الوافدة. فنحن في حاجة لتغيير التصرفات السلبية والتجاوزات التي وسمت النشاط السياحي في الخارج، وتحويل مدرك المواطن المصري تجاه السياحة والسائحين من منطق «السبوبة» إلى كونها عمل منظم، ونشاط متكامل، وأن النشاط السياحي ليس ترفاً او رفاهية نحظى بها، بل هو ضرورة ملحة للاقتصادي المصري.
حيث السياحة رافد هام ومباشر للنقد الأجنبي الذي نحن أحوج ما نكون إليه، كما أن السياحة قناة مهمة لتوفير فرص العمل والوظائف، والأهم في الحالة المصرية أن مصر بمناخها المستقر صيفاً وشتاءً يمكن أن تكون وجهة سياحية مستقرة على مدار العام، توفر فرص عمل ووظائف ثابتة وليست موسمية.
لذلك؛ نحن نعيش حالة من التناقض الغريب على مستوى قطاع السياحة؛ فنحن نمتلك ما لا يمتلكه غيرنا من مقومات السياحة والسفر لكننا نفتقد للثقافة والإدراك والوعي بأهمية هذا المنتج، وهو ما تترجمه الدول المتقدمة الغنية التي تعي أهمية السياحة بالنسبة لاقتصادها؛ فإذا كانت السياحة تحظى بهذا الحجم من الاهتمام من الدول الكبرى، فإنه من باب أولى أن تحظى باهتمام مضاعف من قبل الدول النامية ذات الموارد المحدودة، خاصة إذا كانت تمتلك مقاصد ووجهات متنوعة، وأنماط متعددة من السياحة كما هو الحال في مصر.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية