منذ أيام، احتفلنا جميعًا بذكرى وطنية عزيزة، ذكرى عيد الجهاد الوطني، الشرارة الأولى لثورة 1919، وبهذه المناسبة يجب أن نتذكر الدروس التي يجب أن تتدارسها الأجيال، الوفدية وغير الوفدية، بمناسبة وجود حزب يحتفل بذكرى مرور مائة وأربعة أعوام، على بدء تحركه ونشاطه الأول، المرتبط ببداية الكفاح السياسي من أجل البلاد.
1- فكرة الوطنية المصرية الجامعة
الفكرة التي ولدت مع ظهور الوفد يوم 13 نوفمبر عام 1918، لا يمكن لها أن تتكرر، لأنها كانت صعبة للغاية، وظروفها التاريخية نادرة، ولذلك سيبقى في التاريخ حزب واحد له مميزات فكرة الوطنية المصرية الجامعة، هذا الحزب اسمه حزب الوفد الذي أسسه سعد زغلول، وحرص الوفديون عليه، إلى اليوم، حزبًا ليبراليًا شعبيًا يؤمن بالديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والوحدة الوطنية، واستقلال القرار الوطني.
2- فكرة غير قابلة للتكرار
الوفد فكرة غير قابلة للتكرار، وهذا ليس مصادرة على التاريخ، ولكنه رأى مرتبط بالواقع، الذي يقول إن المصريين لديهم حزب واحد يشعرون تجاهه بعاطفة موروثة، مثل عاطفة الانحياز نحو العائلة، هو حزب الوفد.. ولذلك فشلت محاولات تأسيس حزب سياسي جديد، يحمل أفكار حزب الوفد في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بل إن هذه المحاولات كانت تجرى لتأسيس حزب بنفس التركيبة، التي اعتمد عليها الزعيم سعد زغلول في عام 1918.
كانت محاولات استنساخ للفكرة والتركيبة البشرية، التي تعتمد على تنوع العائلات، والديانات، والنوع، والطبقات، لكن الناس بشكل طبيعي، عرفوا أن هناك أصلًا وفرعًا.. ومثل طبيعة البشر فإن استنساخ الأصل، لا يعنى التساوي معه، فسيبقى الأصل هو الأساس، وستظل النُسخة المقلدة، مُجرد شكل موضوع في برواز، لايُغني عن الأصل مهما كانت جودة التقليد.
3- تصحيح أخطاء الثورات السابقة
من أهم مميزات ثورة 1919 التي انطلقت إرهاصاتها يوم 13 نوفمبر 1918، أنها صححت الأخطاء التي وقعت بها الحركات والثورات والانتفاضات الشعبية المصرية السابقة، والتي قادها زعماء مصريون ضد المستعمر الأجنبي، فقد طالبت ثورة 19 بشكل صريح منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة بإجلاء المستعمر من الأرض المصرية.. وهي الثورة التي تكاتف فيها المسلم والمسيحي معًا لأول مرة، فتحول الدفاع عن حرية الوطن، من فريضة دينية فقط، إلى فريضة وطنية أيضاً، لا فرق فيها بين صاحب دين، ورفيقه من الدين الآخر.
وفى ثورة 19 ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية في صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة في المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وكانت أول شهيدتين في هذه الثورة السيدتين حميدة خليل وشفيقة محمد.
4- إنجاز كبير
في عام 1920، تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعراوي رئيسًا لها، وكان هذا إنجازًا تاريخيًا كبيرًا، يستحق الرصد والمتابعة والتقدير.. وكانت هذه الخطوة هي نتاج اتخاذ سعد زغلول خطوة التقدم للمطالبة باستقلال مصر، وما تبعها من خطوات الكفاح الشعبي، والنضال السياسي، من أجل إجلاء المستعمر، فلو قال سعد ورفيقاه، على شعراوي وعبدالعزيز فهمى، نحن باشوات وبكوات، وليكافح غيرنا، ما وصلت مصر إلى غاية تقدير المرأة وتقديمها لتتصدر الصفوف، وهو ما حدث بوضوح في مارس 1919، وقد أعقب هذه الصدارة السياسية، خروج الفتيات لتلقى التعليم، بقدر لم يحدث من قبل، ثم اتجاهها للعمل وهو ما أدى إلى حصولها على حقها في تولى المناصب القيادية في الوظائف، فلم تعد المرأة مجرد رقم في خانة عدد السكان، بل أصبحت قوة فاعلة في المجتمع منذ انطلاق ثورة 1919 وحتى اليوم.
5- زعيم لا يتكرر
سعد زغلول قائد ثورة 1919 قائد وزعيم لا يتكرر، فهو الرجل الذى قال عندما أصبح حاكمًا منتخبًا جملة لا تُنسى، فقد أطلق المقولة الشهيرة «الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة» فكانت أسلوب عمل التزمت به حكومات الوفد التي انحازت للشعب، فحصل على النسبة الأكبر من حقوقه السياسية والاجتماعية التي حُرم منها لمئات الأعوام، ليجد من يقول له هذه حقوقك وسوف تستعيدها لأنك مواطن يستحق الحياة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية