عار عليكم!.. نعم أقولها لكم بمليء الفيه.. عار عليكم.. لا أعرف كم عددكم الضئيل.. وإنما أعرف عن عقلكم الهزيل، وثقافتكم الخائبة، وآراؤكم المصنوعة في فيافي الإنسانية وفي قفار وصحاري الأفكار.
منكم من وضع «إيموشن» ضحك على بوست نشرته (حنان) ابنة مفيد فوزي، تعلن فيه عن موعد إقامة عزائه بالكنيسة، ومنكم من وضع تعليقًا غير لائق على البوست نفسه. وتزعمون أنكم مؤمنون وبالله موحدون ولرسوله محبون موقرون! ستردون خائبين، لأن جوهر الدين هو الرحمة، وأساسه هو المعاملة الحسنة، هكذا كل الشرائع السماوية.
وقديما علمنا أهلنا أن «الميت متجوزش عليه غير الرحمة» فأين أنتم ممن تعلمتم منهم وتزعمون أنكم توقرونهم الجدود.. الآباء.. الأمهات.. شيوخ الكتاتيب.. مدرسي المدارس.. لم يعلموكم سوي هذا.
أقول هذا لمن كان من الأجيال القديمة التي تلقت تربية وتعليما وأساسًا تربويا حقيقيا. لكنه مع مرور الوقت وبفعل الغزو الوهابي والتراث الديني الشديد التطرف تأثر بالأفكار الرديئة.
لم تكتفوا بوضع الإيموشن «🤣🤣😂😂» السخيف ولا التعليق الساخر. وإنما رحتم تستشهدون بأشياء أخرى، لتؤكدوا لأنفسكم سلامة أفكاركم وصحة منطقكم وما ذهبتم إليه من أن الله يعاقبه لأنه طعن في الشيخ الجليل متولي الشعراوي! استقبلتم بفرحة وشماتة خطأ من شيد فتحة القبر بطريقة غير صحيحة، ومن أخطأ في تصميم التابوت، وصنعه بمقاسات لا تتوافق مع فتحة المقبرة، لتقولوا إن الله يعاقبه.. فهو لا يرضي عنه كونه مسيحي أولا ( يالهول المصيبة الفكرية التي تسيطر على عقولكم) ولأنه أيضًا أعرب عن سعادته بوفاة الشيخ الشعراوي، وبالتالي فقد عاقبه الله، ومنع دخوله القبر، إلا بعد أن يتشوه القبر والتابوت معا، وتصبح فضيحة مفيد فوزي – الكاتب والمحاور والصحفي العظيم- بجلاجل!
عار عليكم مرة أخرى.. أين ذهبت عقولكم أيها السادة.. لقد أخطأ الأستاذ مفيد عندما قال رأيا صدمكم كمحبين لهذا الشيخ الجليل.. وهو الذي كان أحد أصوات الوهابية في مصر التي دفعت السعودية لأجلها مليارات، مدفوعة بأوامر أميركية، من أجل محاربة الشيوعية.
لكن الشيخ نفسه – وهو من هو – أخطأ مرات عديدة.. أليس هو من أعلن أنه سجد لله شكرًا حينما وقعت هزيمة يونيو 1967 والتي كسرت ظهر وطن بأكمله منذ وقوعها إلى الآن ؟ هذا شيخ يفرح في هزيمة وكسر إرادة بلاده ويعبر عن فرحه في هزيمتها علنا، وهو العارف باللغة وبالقرآن وبالإعجاز القرآني.. وبالتالي العارف بقدر مصر المذكورة في هذا القرآن؟ ولماذا قال الشيخ ذلك؟ في تفسيره وإجابته قال: كنت أعرف أن الهزيمة سوف تخلص مصر من الطاغية جمال عبد الناصر! قال ذلك ثم ذهب بعد سنوات إلى قبر عبد الناصر ليترحم عليه ويقرأ الفاتحة على روحه!
الشعراوي ليس قديسًا.. ومفيد ليس أكثر من بشر له دينه ولديه نوازعه، وربما أراد مماحكة الشيخ، الذي فرح بهزيمة وطنه، فأراد أن يردها إليه – واحده بواحده) بإعلانه عن سعادته -بل كان أسعد أيام حياته – يوم وفاته!
الشعراوي المبجل في واقعة أسوأ من ذلك وقف أمام حسني مبارك قائلًا: «يا سيادة الرئيس، لعل هذا يكون آخر لقاء لي بك، فإذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل».
وقبله قال في السادات مالم يقله أحد.. ففي جلسة عقدها مجلس الشعب المصري تحدث قائلا: «والذى نفسي بيده لو كان لي من الأمر شيء لحكمت لهذا الرجل ( أنور السادات ) الذي رفعنا تلك الرفعة، وانتشلنا مما كنا فيه إلى قمة ألا يسأل عما يفعل».
كيف يرفع الشعراوي السادات إلى مصاف الأنبياء؟
في النهاية هؤلاء هم الكبار.. كل في مجاله.. هذا في الدين وهذا في الصحافة، وكلاهما في النهاية بشر ليس معصوما عن الخطأ. فكيف يسمح البعض لعقله المريض أن يفسر مثل هذه التفسيرات؟ هذا مسيحي لا تجوز عليه الرحمة؟ كيف والدين في الأساس دين الرحمة؟ وكيف يسمح البعض لعقلة المريض أيضا والقاصر عن الفهم عن الترويج لفكرة رخيصة جدًا وهي أن القبر رفض أن يستقبل جثمان الكافر مفيد فوزي، لأنه فرح بموت الشيخ الشعراوي؟ كم من الملاحدة في العالم كله دخلوا قبورهم بسلاسة.. حتى المنتحرين؟ المشكلة أن من شيد القبر لم يقم بإجراء حسابات صحيحة، لطول وعرض وعمق التابوت، فكانت النتيجة أنه لم يدخل من الفتحة إلا بتوسيعها. قد يكون مقاس التابوت نفسه من الأساس أكبر من الفتحة، ربما أن أسرة مفيد اختارت نوعا معينا منها دون أن تفكر أنه يجب أن يكون محكومًا بمقاييس معينة في الطول والعرض والعمق. وفي كل الأحوال كان ينبغي المعاينة على الطبيعة قبل اختيار التابوت، ليكون ملائما للفتحة .
شيء مؤسف جدا.. وهو خطأ لا أسال عنه ابنته الصحفية حنان مفيد، فلا سابقة لها بهذا الأمر. لكني أسأل الناس لماذا تألمت أنا وأنا المسلم من هذا الإجراء الذي حدث أمام المودعين، ومن هذا التشويه الذي حدث في فتحة المقبرة، وأدي إلى سقوط الرخامة المدون عليها اسمه، لماذا تألمت وأنتم لم تتألموا.. بل الأسوأ أنكم تشفيتم في الرجل!
واحسرتاه على العباد. يا أستاذ مفيد: اعترف لك أنني كنت بتعلم منك.
مع إنى مكنتش قريب منك.. يا دوب باشوفك في الطرقة وأنت داخل أو خارج. غرفتك الأنيقة.. الخافتة الضوء (الأباجورة الشهيرة والستائر التي لا تفتح)
كان الفراش بتاعك عم حسين أقرب حد ليك في المجلة.. وجودك في صباح الخير (طبعا مع استاذي رؤوف توفيق و أستاذي رشدي أبو الحسن وأصدقائي الكتاب والأساتذة والفنانون التشكيليون أحمد هاشم الشريف وصبري موسي وعبدالله الطوخي ورؤوف عياد وإبراهيم عبد الملاك وعبد العال وجمال هلال وطراوي ورشاد كامل وفوزي الهواري ومحمد بغدادي و محمد الرفاعي وهيبة وعز الدين ) بيخليني أحس أني في أكبر مجلة في العالم العربي.
كنت بتعلم من السيرة اللي بتتحكي عنك.. ومن المغرمات بك. ومن غيرة زوجتك المذيعة الراحلة آمال العمدة. وتعلمت من كتابتك وحواراتك أذكر مرة قعدت اتكلم عنك أنا وعمرو خفاجي ( أحد أهم محرري روزا اليوسف أنذاك) عن تحقيق أجريته -وأنت الكبير على كتابة التحقيقات- بنفسك.. كان الاستايل فيه عالي جدا.. مازلت أذكر أنه كان يبدأ بجملة مفتاحية تقول: (ذهبت أحقق) كل فقرة كانت تبدأ بهذا الاستايل. فيما بعد عمقت كتابات عادل حمودة ( الصنايعي جدا والموهوب جدا ) محاولات البحث عن استايل لنا في الكتابة . جيل كامل كان يبحث عن أسلوب يكتب به.. حاولته.. وعبد الله كمال وأسامة سلامة وإبراهيم عيسى ووائل الإبراشي وحمدي رزق ومحمد جمال وإبراهيم منصور وإبراهيم خليل وجمال طايع وعصام السيد وغيرهم من الزملاء الأعزاء.. كنت أحب كتابات كتاب وصحفيي صباح الخير. وروزا (خصوصا عمنا صلاح حافظ وتلميذيه الرائعين عادل حمودة وشفيق أحمد على المتخصص في التحقيقات.. وأحببت كتابات هناء فتحي كثيرا) .
كان مفيد فوزي أستاذًا في مهنته وكان كاتبا قديرا وبليغا ومعبرا، يروون لنا عنه وعن جيله من الكبار أنه أثناء رئاسة أحمد بهاء الدين لتحرير مجلة صباح الخير – وكان وقتها أصغر رئيس تحرير في العالم العربي- فإن مفيد فوزي لم يكن هو أو رؤوف توفيق يطرحان أفكار تحقيقاتهما الأسبوعية أبدا في الاجتماعات!
خبث ولؤم الصحفيين الكبار.. كان كلاهما ينزل خلسة عند عم أبو طالب ويطلب الأستاذ بهاء في التليفون الداخلي، ليبلغه فقط بأنه يقوم بعمل تحقيق عن موضوع كذا !!لؤم صحفيين كبار أوي أوي ..
وداعا أستاذ مفيد ..السلام لروحك ولموهبتك الفذة ومسيرتك المهنية الفريدة.. والعزاء للوطن كله.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية