عندما يهل علينا شهر ديسمبر من كل عام يبدأ كل منا في لملمة أوراقه ومراجعة حسابات وسد الثغرات وتسديد ما عليه أو على الأقل جدولتها حتى يدخل العام الجديد بروح جديدة يملؤها التفاؤل والفرح والسعادة من باب تفاءلوا بالخير تجدوه.
ولكن وما أدراك ما لكن هذه التي دائما ما تكون كاللكمة المفاجئة في الوجه للإيقاظ والتنبيه.. ولكن 2022 لم تترك لنا هذه المساحة لنتفاءل او حتى لنستبشر بالعام الجديد خيرًا.. فالعام الذي يوشك على أن ينصرم ما ترك لنا فسحة ولا مزحة لا موبقة الا وارتكبها.. حروب اشتعلت.. أزمات غذاء ودواء وماء.. انتكاسة اقتصادية.. غلاء أسعار.. انخفاض حاد في الانتاج.. إغلاق مصانع وتصفيتها.. حتى كوفيد19 لم تنتهي اثاره التي اختطفت منا اعز الناس واحبهم الي قلوبنا رغم ايماننا الشديد بأن لكل اجل كتاب ويقيننا بأن الله سبحانه قد قدر كل شيء فهو القائل «إنا كل شيء خلقناه بقدر» سورة القمر آية 49.
كل ذلك وغيره يجعلنا نلج الي عام 2023 بحذر بل بخوف ووجل شديد فما قدمته لنا سنتنا 22 يجعلنا نتمنى وكما تعلمون فالأمنيات هي للمستحيلات فقط الا تأتي 23 وتؤجل حضورها حتى تتحسن الأوضاع وتنكشف الغمة او على الأقل يغادرنا من تسببوا فيما وصلت اليه الحالة العامة من هذا الوضع المزري، ولكنه يأبى إلا أن يسجل حضوره الاجباري.
وقع تحت يدي تقرير لمجلة الايكونوميست البريطانية نشرته في 5 ديسمبر الجاري قال إن الركود يهدد العالم في العام المقبل (2023) وفي العديد من الأماكن، وعدد معاناة اوروبا حاليا في ظل حرب روسية أوكرانية امتدت آثارها الي كل بيت اوروبي بسبب الغاز، بل والكثير من بيوتات دولنا العربية وعلى رأسها مصر التي تعتمد بشكل كبير على القمح من كلا الدولتين والكثير من المواد الغذائية بل وعلى سوقيهما لتصدير بعض منتجاتنا التي لا تتوافق مع اشتراطات السوق الأوروبية فنهرب بها الي روسيا وأوكرانيا.
كما توقع التقرير عامل صعبا جدا على الصين والهند وبريطانيا والولايات المتحدة وان كان يرى تأثر أمريكا ليس بالمستوى الاوروبي، كما توقع التقرير الموسع استمرار الاثار السلبية لكوفيد19 .
ونصا ذكر التقرير الذي ترجمته بدقة بالغة مع تصرف في الصياغة بالحديث عن الركود، فإلى أي مدى ستزداد الأمور سوءا بالنسبة للعمال ذوي الياقات البيضاء؟ هذا هو السؤال فلا يحتاج أولئك الذين يعملون في المكاتب (الحقيقية أو البعيدة) إلى القلق الشديد. ذلك أن أغلب البلدان الغنية في وضع غير عادي يعاني من نمو منخفض أو سلبي في حين تتمتع أيضا بمستويات مرتفعة بشكل ملحوظ من تشغيل العمالة. أعطت أرقام الوظائف في أمريكا الأسبوع الماضي سببا آخر للتفاؤل. مع تلميح بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مسار أكثر تشاؤما.
حاول التقرير أن يرسم صورة واقعية للعالم في العام الجديد وكأنه يتحدث عن كل ركن من هذا الكوكب، ومصر جزء اصيل وركن ركين من هذا الكوكب المتعثر
حيث تدخل للعام الجديد وهي مثقلة بالديون وخدماتها وميزانية عاجزة ومداخيل تتناثر هنا وهناك اخرها قانون صندوق قناة السويس، فضلًا عن غلاء المعيشة الذي الشعب الي فئات معوزة بدرجات فلم تعد مداخيل الناس تكفي متطلباتها وهشاشة اقتصادية لم تمر على مصر من أيام الخديوية وانحسار الانتاج الزراعي بسبب تآكل رقعة الاراضي الزراعية، ولم تكتفي حكومتنا غير الرشيدة بذلك بل زادت الطين بلة واغلقت المصانع المنتجة وأخرها مصنع الحديد والصلب.
ومن رحم المعاناة قد يولد الامل وشعاع نور يطل علينا من بعيد إذا تم اسناد الامر لأهله والمختصين وذوي الخبرة من المخلصين من أبناء الوطن على أن يتم التعامل معهم بشكل لائق ومناسب مع تقديرهم التقدير الذي يستحقونه والاعتماد عليهم في وضع روشتة علاج مناسبة، على أن يتم تنفيذها بشكل مناسب وسليم إن أردنا الخروج من الازمة المستمرة معنا منذ سنوات أم يستمر الوضع على ماهو لندور في فلك الفزاعات والتخويفات والاشتغالات ومرتضى منصور؟!
آخر الكلام للشاعر كريم العراقي:
كم خاب ظني بمن اهديته ثقتي فأجبرتني على هجرانه التُّهمُ
كم صرت جسرا لمن احببته
فمشى على ضلوعي
وكم زلّت به قدمُ فداس قلبي
وكان القلب منزله
فما وفائي لخلٍ ما له قيمُ ؟
للمزيد ممن مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية