باتت مواكب كبار المسؤولين وصغارهم تمثل عبئًا كبيرًا على جموع المواطنين الذين يدفعون الكثير من الوقت والتعب والإرهاق، بسبب مرور أحد الكبار من منطقتهم أو أحد الشوارع القريبة، الأمر الذي يستلزم العديد من التحويلات المرورية المفاجئة لتحقيق انسيابية مرورية أمام الزائر المجهول، الذي من أجل دقائق معدودة لمرور سيادته تغلق الشوارع قبلها بوقت كبير وحتى الاطمئنان على مروره الكريم، أوعودته الميمونة بسلامة الله وأمانه.
ولأن شوارع القاهرة الكبرى تحولت إلى ساحة عمل مفتوحة إما لتوسعة الطرق أو لشبكة المونوريل أو خطوط المترو الجديدة، فإن الشوارع الضيقة والمستقطعة لا تحتمل تحويلات مرورية تزيد من زحامها واختناقاتها ويجد المئات بل الآلاف أنفسهم في «علب سردين» مغلقة، ولا مفر أمام الجميع إلا الانتظار حتى يأذن الله بالانفراجة وانتهاء المعاناة التي قد تمتد لساعات.
الأصل في المسؤول الناجح أن يعيش حياة المواطنين ومعاناتهم اليومية حتى يشعر بمأساتهم التي تؤرقه كما تؤرقهم، وهنا تكون الحلول من رحم المعاناة، ولا يكون هناك جنة ونار في الحياة اليومية فالكل سواسية، ومن لا يستطيع يُسلم الراية لمن لديه المقدرة على حل هذه المشكلات المزمنة التي وصلت عشرات السنين دون حلول جذرية.
الحقيقة أن الدولة بات بها العديد من المشروعات العملاقة المتعلقة بالطرق والكباري والتي في حال انسيابها تعود القاهرة الكبرى لسابق مجدها.. لكن تبقى القوانين المتوارثة أن الوزير أو المسؤول يجب أن تكون إشارته خضراء فلا تتوقف سيارته حتى يتم مهمته ويعود إلى منزله، والحل إغلاق كل الطرق التي تعوق مسيرته ولا عزاء للمعذبين في الشوارع أولئك الذين لا يملكون سوى الصبر الإجباري وهم ينظرون إلى الموكب يمر من أمام أعينهم كالبرق وهم يمصمصون شفاههم ويضغطون على أسنانهم غيظًا وكمدًا على تلك الساعات المهدرة بالقوة الجبرية.
بصراحة «نفسنا» في اليوم الذي يأتي علينا ليطل أحدنا من شباك سيارته أو من شباك الباص، في يوم شديد الحرارة شديد الزحام ليجد في السيارة التي تجاوره أحد المسؤولين يتصبب عرقًا ويتوسل إلى السماء لحل هذه الأزمة ليصل إلى مقر عمله.. عندها فقط سوف يحمل المسؤول كل مسؤول في مكانه شرف المسؤولية ليعمل جاهدًا على حل هذه المعضلة إن كانت في اختصاصه، أو المساهمة في حلها إن كانت في حقيبة أخرى غير حقيبته.
الأمر لا ينطبق على مواكب السادة الكبار فقط بل إننا نأمل أن يزاحمونا في كل مكان من فرن العيش إلى الأسواق، ليس بصفتهم الوظيفية ولكن كونهم مصريون فقط لهم مالنا وعليهم ما علينا، وبالطبع لازم يكون لهم في الأعباء والهم نصيب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية