ساقني القدر في اليوم الأول من العام الجديد إلى تجربة مريرة مع مكاتب توثيق الشهر العقاري، في محافظة القليوبية، البداية كانت مع مكتب شبين القناطر، وكما هي العادة المصرية الأصيلة «السيستم واقعا يا أستاذ». انتقلت بعدها إلى مكتب توثيق مدينة قها، رفض الموظف إجراء التوكيلات بحجة التبعية لمكتب توثيق شبين القناطر، ثم بعد تدخل و «محايلة» من مديره وافق على مضض بشرط الانتظار حتى ينتهي من كافة مواطني مدينة قها، ثم كانت المأساة الأكبر؛ إجراءات عمل التوكيلات سهلة وميسرة، لكن مع بالغ الأسف السادة الموظفون يشكلون روتينا خاصا بهم، أو بمعنى أدق فهم يقومون بإعادة اختراع الروتين، دون تعليمات أو منشور رسمي يوجه بذلك.
المأساة الثانية؛ هي الاضطرار للجوء إلى مكتبات خاصة خارج مكتب التوثيق لصياغة نص المحرر الرسمي للتوكيل، ثم العودة مرة أخرى للموظف، ثم العودة مرة أخرى للمكتبة للتعديل والتصور، وما بين الموظف والمكتبة، ورغم قصر المسافة عدة مشاوير وطوابير؟!!! والسؤال هنا هل يليق هذا الروتين المُخترع بروح وفكر الجمهورية الجديدة؟؟، وما هو الحال مع كبار السن الذين تضطرهم الظروف في كثير الأحيان إلى قضاء مصالحهم بأنفسهم؟
نحن في حاجة إلى إعادة اختراع الحكومة، وليس الروتين. مشكلة مصر دائماً وأبداً ليست في رأس السمكة، كل وجميع مبادرات التطوير والإصلاح يتم إفشالها ونسفها على أيدي الموظفين في المستويات الأدنى، خاصة في مراكز المحافظات البعيدة عن مركز الحكومة مثل القليوبية سيئة الحظ دائماً. لذلك يجب العمل على تأهيل وتدريب هذا المستوى الوظيفي فكرياً وذهنياً قبل التدريب الإداري ليتشبع بروح التطوير والمبادرة، ولتتوافق كافة مستويات الإدارة الحكومية مع رؤى وتوجهات الجمهورية الجديدة، ورؤية مصر 2030.
منذ نهاية القرن العشرين، بدأت الحكومات الدول متقدمة ونامية على حد سواء بالتحول إلى أطر إدارية جديدة تساعدها على البقاء والتكيف مع متغيرات الواقع الجديد، وما يتطلب ذلك من إصلاح حقيقي وفاعل لنظام الإدارة العامة، من أبرز تلك المناهج للإصلاح ما يعرف بإعادة ابتكار أو إنتاج الحكومة “Government Reinventing”، وهو منهج جديد للإدارة العامة ظهر للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية، يهدف للوصول إلى حكومة مرنة وحركية، مستجيبة وفاعلة وقليلة التكلفة تدار بطريقة إدارة منظمات القطاع الخاص قدر الإمكان. ما يعني تقديم نموذج جديد لدور الحكومة؛ نظرية إعادة ابتكار الحكومة مثلت أكبر عملية إصلاحا حكوميا في الولايات المتحدة خلال حقبة الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
لذلك؛ ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة، لا بد من العمل على تضمين وإقرار مبادئ السوق، في كيان وأطر الإدارة العامة والإدارة المحلية، وهو ما لا بد من أن يُبث في البيروقراطية المصرية حاضراً ومستقبلاً. ليتحول جهاز الإدارة العامة في مفهومه الشامل، وخاصة مستوياته المحلية إلى: حكومة تحفيز، حكومة تمكين المجتمع، وحكومة منافسة موجهة بالسوق، وحكومة إدارة أعمال لا حكومة اختراع روتين.
ميلاد مجيد؛ نحتفل بميلاد السيد المسيح عيسى عليه السلام، وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين، نحتفل محاولين إحياء سماحة ومحبة المسيح في نفوسنا، المسيح عيسى ليس حالة سلام ومحبة وحسب. إنما حالة علم ومعرفة وتقدم وتطور في خدمة الإنسان، في كتابه «حياة المسيح» يقول كاتبنا الكبير عباس محمود العقاد «إن دعوات النبوة للرسل المبعوثة من الله للبشر هي« ظواهر إلهية »كبرى تُغير الإنسانية، ومن أعظم هذه الظواهر هي نبوة السيد المسيح، فكان الميلاد ذاته معجزة، ثم أجرى الله معجزات أخرى على يد المسيح في مجتمعات كانت غارقة في المادية البحتة”.
كل عام ومصر والمصريين بخير
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية