لم أتعود أن أنعى أحدًا.. فهذا أمر صعب على النفس وفيه من العذاب والألم الكثير.. هذا الشعور المؤلم القاسي يتملكني عندما أحاول أن أنعى شخصًا عرفته أو تعاملت معه أو التقيته في يوم ما.. فما بالنا إذا كان النعي لحبيب غيبه الموت.. ورفيق سرت معه على الدرب.. وصديق عايشته عن قرب، فما بالنا بعزيز على النفس وقريب إلى القلب، وصاحب في وقت عز فيه الأصحاب وخليل يندر وجوده على مر الأيام.
كان سيد عبد العاطي صحفياً من الطراز الفريد.. ترك بصمة في الصحافة ستظل دائماً وأبداً، فهو صاحب مدرسة وكتب اسمه في سجل التحقيقات الصحفية التي اشتهر بها ومغامراته التي قام بها في قطاعات كثيرة كان أشهرها تحقيقات المطار ومستشفى المجانين.. وغيرها من التحقيقات الجريئة.
كان سيد عبد العاطي هو الصحفي الوحيد في تاريخ الوفد الذي جمع بين منصبي رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. كان له أسلوبه الخاص في الإدارة اجتهد وصال وجال، أخطأ وأصاب. لكنه ظل سيد عبد العاطي صاحب القيم النبيلة.
تختلف أو تتفق معه في مسيرته الطويلة لكن الشيء الوحيد الذي لا خلاف عليه هو أنك تحبه، فهو إنسان يحمل معاني وقيم الإنسانية قبل أن يكون صحفيا ورئيسا للتحرير ورئيسا لمجلس الإدارة.
عندما كنت أختلف معه في بعض الأمور كان يستمع ويستجيب ولا يتمسك بالرأي الخطأ.. وفي الحالات التي لا يوافقني فيها كان يبتسم ويقول لي أنت لازم تتغير.
خاض سيد عبد العاطي معارك كثيرة أذكر منها معركته مع جمال مبارك نجل الرئيس حسنى مبارك – رحمة الله عليه – وأذكر وقتها أنني ذهبت إليه في قسم الأزبكية عندما تم احتجازه هناك للتحقيق في بلاغ تقدم به نجل الرئيس يتضرر فيه من التحقيق الذي نشره في إحدى الصحف اللندنية. كان شجاعًا وقويًا ولم يهتز ودخل التحقيقات بكل شجاعة وخرج بعدها بساعات؛ لأنه ببساطة كان صحفيا موهوبا يكتب ما يؤمن به.. وإيمانه بحرية الصحافة لم يكن له حدود.
في المرة الأخيرة التي زار فيها الوفد وتم تكريمه من قبل الدكتور عبد السند يمامة رئيس الحزب خرج سيد عبد العاطي إلى حديقة القصر وتجمع حوله الزملاء في مظاهرة حب، في مشهد لم يكن يعلم هو -ولا نحن- أنه سيكون النهاية.
رحل سيد عبد العاطي فارس الصحافة وترك ذكرى جميلة لم تتوقف عند كونه جورنالجيًا كتب اسمه بحروف من نور في الصحافة المصرية، ولكن كإنسان أحبه الجميع الذين اختلفوا معه قبل أصدقائه ومحبيه.
رحل سيد عبد العاطي إلى رحاب ربه ولا نملك إلا أن نقول إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنّا لفراقك يا سيد لمحزونون.. إلى جنة الخلد يا حبيب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية