هل يخفى العنف؟.. نعم يخفى العنف في دور الحضانة، فالمعنّفون أطفال أبرياء يبكون، يطلقون صرخات مشوبات بوجع غير مفسر، وآهات مبهمة لا تدري من أين أتت وفيما انجلت، يقضون يومهم بين جدران غير آمنة تشهد مُسارقة على مشاهد عذاب، عسى ألا يفوتها منها لقطة أسى!
المصابيح تنزف وجعًا، والضحكات التي تملأ الرواق تتحول لإنذارات مبهمة، وأناسٌ يفرضون ذاتهم يستعرضون قدراتهم أمام جمع من الأطفال خائرين القوى تحت سياط الخوف والتعنيف، وفي نهاية اليوم يكتفي الأطفال بالاختباء في أحضان الصمت، لئلا يعلم أحد السر.. ولكن هيهات ها هو السر على وشك الذيوع!
عندما تُلقى آفة الخوف في أرض خصبة خضراء نقية غنية بالبراءة، فلا عجب أن يكون الحصاد «كوم قش» أجيال مشوهة مهزوزة تخشى كل شيء، لا ذنب لهم سوى أنهم في دور حضانة، دار لعب ومرح ودفء وليست دار ضياع.
العنف ضد الأطفال فجوة متأصلة في جذور مجتمع يُهمش الطفل ويراه بعين الدُمية التي لا لسان لها، حتى دور الحضانة ينبوع الحنان تخلع عن نفسها ردائها وتلبس لباس الجلّاد وتتحول الجدران الآمنة لأسوار سجون؛ يُفتعل بداخلها ما يطعن الإنسانية في مقتل دون رقابةٍ أو رادع، بمنأى عن الإنسانية، وكأن الأم سلّمت صغيرها بيدها لثعالب ماكرة داخل غابة، تحكى عنها حكاوي تضعك وكأنك في فيلم أكشن أبطاله معذبون مهَرة خانوا الأمانة.. نخلص القول بأن تعنيف الأطفال مشكلة حقيقة لا يُمكن غض الطرف عنها.
برأيي أن العنف جريمة بنظر القانون والمجتمع على حدٍ سواء، وممارسته من أي شخص وضد أي شخص صغيرًا كان أو كبيرًا وصمة عار في جبين الإنسانية، وتعنيف الأطفال ممن لا يتعدى عمرهم الـ3 سنوات، يعد انتهاكًا لحقوق الأطفال.
لا أعتقد أن هناك مبررًا للعنف ضد الأطفال، ولا يمكن وضعه تحت بند «تعديل السلوك»، فللأسف ممارسة العنف ضد الطفل تؤثر سلبًا عليه فهي تزيد من اعوجاج سلوكياته، لدرجة يصعب تقويمها حتى في المستقبل، فكيف نُرمّم بيُسر شخصية نحت القلق والاكتئاب معالمها، حتى تآكلت من الاضطرابات النفسية، والفضل في ذلك كونهم وُضعوا أمانة في يد من لا يُؤتمن.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية