كانت الليلة الاستثنائية التي اقامها ملتقى الشربيني الثقافي بفرعه بشبين القناطر لمناقشة جمال اسعد ومذكراته الصادرة حديثا بعنوان أيامي ..شاهد على خمسة عصور قد انطلقت على ايقاع نغمات السلا م الوطني ، ليلة المواطن المصري (البرلماني والسياسي والصحفي )جمال اسعد ، في أول امسية رمضانية للملتقى منذ تأسيسه قبل عامين ، بفرعين احدهما في القاهرة والاخر في القليوبية ، بشبين القناطر.
الشربيني: شعار الملتقى الهلال والصليب تحقق فى هذه الليلة الرمضانية باستضافة رمز المواطنة المصرية
وفيها قال الشربيني في كلمة له :انظروا هاهو شعار الملتقى يتجسد أمام أعيننا اليوم ..في يوم رمضاني مبارك . الهلال يعانق الصليب هو اللوجو المعبر عن الملتقى ، وهو الشعار أو التاريخ الذي يحمله رجل الليلة على ظهره ، ليس وحده الذي يزهو به ، وانما في واقع الأمر كل محب للهوية المصرية والمواطنة المصرية وللتسامح الثقافي والديني يباهي به معه . نادرون جدا هم الرجال من طراز جمال اسعد عبد الملاك ..نحن امام رجل يعرف كيف يفرق بين الامور ..الديني والسياسي ..الروحي والعقلي .. بين الكذب والتجمل .. بين الدور الذي يلعبه رجل الدين ورجل السياسة ..بين الدولة والكنيسة .. بين الارهاب والتطرف .. وبين الاعتدال والتسامح ”
شهادته تكشف لنا أين نحن وإلى أين
كان شريكا فاعلا في كثير من مجريات الامور السياسية والدينية ، وحضوره اليوم فرصة مهمة ، لنعرف منه ومن خلال تجربته أين نحن وإلى أين.
جمال اسعد .. عنوان المواطنه الحقيقي للمصري كما ينبغي ان يكون ،وقد خاطب اركان الملتقى ورموزه البيئة الشعبية الفقيرة التي نشأ فيها في منطقة فقيرة اقرب للعشوائية تسمى “عزبة القرود” التابعة للقوصية أحدي بلدان محافظة أسيوط، لأب-وخال- بقال ، وخال ثان يعمل مكوجيًا ، الا أن تكوينه الشخصي كان ابن عوامل كثيرة و”وفرص خاصة حباني بها الله كانت خارج الاطار المجتمعي الأسري سواء في القوصية أو خارجها”على حد تعبيره .
استعرض جمال اسعد بداية تعرفه على الحياة الكنسية ، وعن مدارس الأحد والتي تخرج منها الانبا شنودة الثالث بطريرك الاقباط السابق .وتحدث عن مواهبه- كالتمثيل والاخراج المسرحي ) التي تجلت في الستينات اثناء فترة الدراسة (فضل الالتحاق بالثانوية التجارية ).. ولكنه اشار إلى أنه لم يقم بأي نشاط ديني في مدارس الأحد .
السياسي العاشق لوطنه
الكاتب نبيل عمر تحدث عن جمال اسعد السياسى القبطى العاشق لوطنه، المنتم لناسه المخلص لكنيسته.. وقال : تجربته ليست مجرد مذكرات فى زمن فات، وإنما خريطة من التجارب والأحداث والمواقف والرؤى يمكن أن تصل بنا إلى أسباب عرقلت خروجنا من دوائر التخلف والمشكلات المزمنة، ولو أحسنا فهمها قد نعثر منها على مفاتيح الأبواب المغلقة.
مضيفًا : مصريته شرف له وأيضا لوطنه، فهو من طين هذه الأرض الطيبة الصبورة، أحبها دون أن يطمع فى شىء، لم يكن من الذين يحبون الوطن حين يضعون الوطن فى جيوبهم، لم يكن من الذين يغنون للوطن، «بشرط»، أن يحتضن الوطن طموحاتهم فى الثراء والنفوذ والامتيازات واحتكار السلع والمناصب..الخ.
ديانته المسيحية درس لكل مواطنيه، أن الدين لله والوطن للجميع، كلنا مصريون، لا أقلية ولا أغلبية، لسنا شركاء فى «المصرية» بالمناصفة، لكننا جميعا نملك الوطن . جمال أسعد وأمثاله شقوا طريقهم بين الصخور والأشواك، ليثبتوا أن «روح الوطن» لن تقتلها سهام الطائفية وإن جرحتها أحيانا، ويقدم دليله، فهو ابن طبقة المصريين الأغلبية الذين يبحثون عن الستر، طبقة البين بين، لا فقيرة ولا متوسطة، حاصل على دبلوم التجارة، موظف فى بنك الائتمان الزراعى، ويصعد منها إلى الصفوف الأولى فى حياة مجتمعه.
الثقافة والتعليم هما أداة تكوين العقل والوعى، ولابديل لهما، ولهذا يتحدث جمال أسعد عن المسرح فى المدرسة والكنيسة ومسرح العرائس الذى جاءهم من القاهرة، ودور قصر ثقافة أسيوط ومركز الشباب بأنشطته الرياضية والغنائية ومسابقاته الفنية.
الكتاب توثيق لجوانب مهمة ومؤثرة ليس فقط في حياه جمال أسعد بل في حياه الوطن فقد اختار جمال أسعد بعناية مواقف فاصلة في حياة الوطن وتوثيق المواقف بذكر التواريخ والمقالات التي نشرت والشخصيات التي عاصرت هذا الحدث وشهود العيان والبرامج التلفزيونية التي شارك فيها والمداخلات التليفونية.
لن تعود كما كنت بعد ان تقرؤه !
الذي صاغ هذه العبارة هو الناقد والقاص هاني منسي ، الذي تحدث في قراءة مفصلة عن جمال ابن الطبقة المتوسطة القريبة من الفلاحين..و اعتبر ان ماكتبه هو نوع خاص من الادب ، له تميزه ورآه حكاًء بارعًا بالفطرة، تنقل بسلاسة بين السرد و عرض اليوميات، أو والاعترافات الشخصية، وأدب الرحلات، وتصوير المجتمع من أسفل، المطبخ السياسي، الصراعات الطائفية الدينية، كل هذه الأشياء كانت وراء الكتابة، كما أن دوافع وهواجس نبيلة تحرك الكاتب في المقام الأول إلا وهي المواطنة وقبول الآخر.
قارئ هذا الكتاب لن يعود هو نفسه قبل قراءته.انه ملهم للأجيال القادمة، الذين حظوا بإهداء منه ( بعد زوجته): إهداء الى شباب المستقبل أمل مصر القادم ”
وبالنسبة لمستويات القراءة فإنه لم يكن معنيًا بذكر سيرته الشخصية العائلية ، بل كان معنيًا بسيرة الوطن على ضوء سيرته السياسية والوطنية فلم يذكر عائلته مثلا ولا كيف تزوج ولا نعرف حتى ما عدد ابنائه وبناته، يذكر زوجته بالصدفة وفي عبارة خاطفة وهو يتحدث عن دور المسرح في الكنيسة، وأنه قام بإخراج العديد من المسرحيات بمساعدة أصدقاء مسلمين، حيث كانت المواطنة والمشاركة هدف يسعى إليه وعلى هامش ذلك ذكر أن زوجة المستقبل كانت تسكن بجوار الكنيسة لهذا تعرف عليها، وفي موضع آخر يذكر أنه في طريقه لزيارة ابنته هايدي،ويذكر اسم ابنيه جون وشادي بالصدفة، مايقطع بأنها سيرة وطنية سياسية موثقة .
جمال أسعد كما يظهر من خلفية كتابه “عريانا خرجت من بطن امي وعريانا أعود” متمثلا في ذلك للقديس اثناسيوس: “العالم كله ضدك: فرد قائلا: “وأنا ضد العالم”
فكرنا ان نهديه سيارة بتقودنا
الفنان التشكيلى نبيل ثابت ذكر أنه حاول ورفاقة بعد نجاح جمال في الانتخابات، ولم تكن لدية قدرة على شراء سيارة ، أن يشتري له هو واهل القوصية سيارة من الكويت ، ولما عرضنا الفكرة عليه رفض .
الشاعر فايز تكلا تحدث عن جمال اسعد وكيف كان يراه الناس ويحبونه ويعتبرونه رمزا ، وشدد على إنه عاش في قرية طحانوب طيلة حياته فلم يشعر فى أي لحظة بان هناك اي ممارسة طائفية . كما القى قصائد محتفية برمضان . كما تحدث الشاعر شوقي نسيم في الاطار نفسه والقى قصيدة .
اما الناقد والكاتب د. محمد عبد الباسط عيد فتحدث عن قيمة جمال اسعد في الحياة السياسية المصرية ، وقدم تجربة فريدة ، واتسمت مواقفة بالمصرية واعلاء كلمة المواطنة وقيم التسامح والعدالة والحرية وسيادة القانون وهذه هي القيم التي نحتاجها لمجتمعنا ونحن ننشد التقدم .
مجدي صالح: اعتبره رمز للتسامح والاستغناء فقد دخل البرلمان فقيرا وخرج فقيرا.
اما الكاتب الصحفي مجدي صالح فقال :استطاع جمال أسعد أن يتحلى بفضيلة الاستغناء علي مدى مسيرته السياسية التي اقتربت من نصف قرن.. وعرف عنه انه دخل البرلمان فقيرا وخرج منه أكثر فقرا.. وهو الأمر الذي أسس جسرا متينا بينه وبين المصريين على اختلاف عقائدهم. وأعتقد أن صعود نجم جمال أسعد في سماء العمل العام في مصر في العقود الأربعة الأخيرة كان بمثابة يد حانية من الإله لمصر، التي عانت من ويلات أحداث فتن كثيرة في تلك الفترة غذاها متطرفون من الجانبين المسلم و المسيحي.. خاصة من مسيحي الخارج الذين يتم تمويل بعضهم من أجهزة مخابراتية أجنبية.
وكان دائما ما يقف جمال أسعد في صف الوطنية المصرية التي تعلو على كل هذه الصغائر. وكان لجمال أسعد مشروعه الفكري الذي ينحاز للمشروع الوطني الناضج بكل شجاعة وكل جرأة عرضته لكثير من المتاعب من جانب الكنيسة وبعض الأخوة المسيحيين رغم ان لب مشروعه كان يصب في مصلحتهم باعتباره جزء من النسيج المجتمعي الذي لا يجب فصله عن السياق الوطني العام. ولذلك فأنا أعتبره أحد المفكرين الوطنيين الذي أسهموا بفكرهم وكتاباتهم في عدد كبير من الصحف على مدى عدة عقود في تأسيس فكر وطني شعبوي يحافظ على خصوصية هذا الشعب وينحاز الي تاريخه وثقافته .
جمال أسعد: هربت من دور البغاء في القوصية وموسكو واسطنبول
مازحت جمال اسعد ونحن نختتم اعمال الملتقى كيف تستمر في الهروب من التعرف على دور البغاء وما يجري فيها، كما هي حالك من قبل ،جريت منها فى القوصية ،وهربت موسكو وأيضا في ميدان تقسيم بتركيا فضحك من اعماقه ولما سألته كيف وافقتم الرجل الذي اغراكم بقوله “احنا تحت امركم بالليله ولا بالساعة”؟ قال : انا لم افهم في البداية ولكن احد من كانوا معنا ادرك المقصود فقال له كيف تعرض علينا هذا العرض ونحن معنا سيدة؟
المفاجأة التى كشفها جمال اسعد ان السيدة التي كانت معهم هى التي قالت لهم “خلينا نروح نشوف ايه اللي بنسمع عنه في تركيا ده “!
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية
