بعد انقضاء 22 يوما صيام، وليلتان من الليالي الوترية، هل قمت عزيزي الصائم بالاختلاء إلى نفسك، وحاسبتها، وقمت بعمل مراجعة للذات؟ وهل توقفت عن الاخطاء، ومواطن القصور التي شابت صيامك، وتعرفت على ملوثات قلبك؟.
وهل توقفت عند الأسباب التي جعلتك لا تردى نوافل الشهر الفضيل؟ من قراءة القرآن وصلاة التراويح إلى صلاة التهجد، فضلا عن مساعدة محتاج، أو التصدق على فقير مسكين طلب منك العون، فلم تمهلك نفسك بأن تهم وتفعل، بل دفعتك وألهتك، الي مغادرة المكان دون أن تفعل.
هل تحسست قلبك؟ وقمت بعملية تنظيف وتطهير له من الغل والحقد والبغضاء والكراهية لأجل الدنيا الزائلة العفنة، وهل استطعت أن تكبح جماح نار غضبك وشهوة الانتصار الزائف في معركة كلامية لا قيمة لها؟ هل تجنبت الوقوع في براثن إغواء شياطين الإنس وانزلقت في هاوية الغيبة والنميمة؟ وتناولت فلان بأسوأ ما فيه أو بما ليس فيه.
فكلنا بشر، ولسنا أنبياء معصومون من الزلل، وكلنا يخطئ، وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء، ولكن إذا ارتكبنا هذه الأخطاء ووقعنا في هذه الذنوب، لماذا لا نعود إلى الله مباشرة بتوبة صادقة، واستغفار لا ينقطع، مستفيدين من انفتاح أبواب السماء لنا، وسعي الله الينا لنتوب إليه فيتوب علينا، «وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا» النساء- آية (27)، وقال ايضا «أَلَـمْ يَعْلَـمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» التوبة- آية (104)، وهو القائل أيضا «نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» الحجر- آية (49).
لماذا لا نستغل مهرجان تكفير السيئات، وغفران الذنوب، فشهر الصوم، هو ذلك المهرجان الذي يشرع لكم أبوابه على مصراعيها لندخل تحت ظل التوبة، بمجرد استغفار، أو دعوة مغلفة بالرجاء فهو القائل في الحديث القدسي «يا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعا فاستغفروني أَغْفِرْ لَكُمْ»، ولقد توسطت آية الدعاء وهي واحدة من أعظم آيات القرآن حديث الصيام وأحكامه وآدابه، «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ» سورة البقرة- آية (186).
من المهم جدا مراجعة الذات ومحاسبة النفس، ولقد هالني ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا»، وفي رواية «وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، فإنه أهون عليكم في الحاسب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر ” يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ» الحاقة / 18.
عليك ان تقف مع نفسك هذه الوقفة، وتحاسب نفسك هذه المحاسبة، ولا تجعلها تتفلت منك نهائيا، فقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها.
وللحديث صلة غدا بمشيئة الله تعالى
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية