تابعت الأحداث التي شهدتها فرنسا بعد مقتل الشاب نائل (17 عاما) الجزائري الأصل على يد رجل شرطة.. والمظاهرات التي اندلعت احتجاجا على عنف وعنصرية الشرطة الفرنسية.. وما قابله من عنف مضاد من المتظاهرين وتحطيم الممتلكات العامة ونهب المحلات والأمران مرفوضان تماما.
واكب هذه الأحداث التي انطلقت شرارتها يوم 27 يونيو الماضي وما تلاها من تطورات في الأيام التالية والغريب لم تتحرك أي منظمة دولية لحقوق الإنسان أو حتى منظمة عربية لرصد ما يجرى على الأرض هناك ولم يصدر حتى بيان واحد يطالب حتى بوقف أعمال العنف.
وفوجئت بوكالة الصحافة الفرنسية يوم 30 يونيو بنشر تقرير سلبي عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر وبعد يومين تقرير آخر مع اختيار مصادر التقرير من نشطاء لهم اتجاه سياسي معروف في الحركة الحقوقية وتجاهلت الوكالة تماما ما يجري في شوارع باريس وكبرى المدن الفرنسية ولم تقدم لنا تقريرا واحدا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي واكبت تصدي الشرطة الفرنسية للمتظاهرين وأصرت على استخدام لفظ مشاغبين ولم تتحدث عن أن تصرف هؤلاء رد فعل لمسيرة طويلة من عنف الشرطة الفرنسية ضد المهاجرين.
ففي هذه الأحداث ارتكبت الحكومة الفرنسية عدة انتهاكات بداية من القتل خارج إطار القانون والقبض العشوائي على المتظاهرين ووصل العدد إلى أكثر من 4 آلاف معتقل واستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين وارتكاب جرائم عنصرية بمحاولة حماية القاتل لتبرير فعلته وتخويف أهله وأصدقائه.
أما الأمر الثاني أن الحادثة وما تلاها من أحداث كشفت أن العنصرية تزداد في فرنسا فتمت حملة جمع تبرعات للضابط القاتل بلغت أكثر من نصف مليون يورو وتزيد كل يوم بصورة كبيرة في حين حملة التبرعات للتخفيف عن أسرة نائل لم تتجاوز 50 ألف يورو وهو مؤشر أن المجتمع الفرنسي منقسم ما بين أغنياء ممن يعتبرون أنفسهم أصحاب البلد وبين المهاجرين وهم من الفقراء وكثر مؤيدو قتل المهاجرين وهنا المؤشر الخطر.
ومن ضمن هذه الانتهاكات تمرير النواب الفرنسيين قانونا يجيز للشرطة التجسس على المشتبه بهم عبر التشغيل عن بعد لخدمات الهاتف مثل الكاميرا والميكروفون ونظام تحديد المواقع العالمي، وتغطية الحواسيب النقالة والسيارات وغيرها من الأجهزة، بالإضافة إلى الهواتف، كما يتيح القانون تحديد الموقع الجغرافي للمشتبه بهم في جرائم يعاقب عليها على الأقل بالسجن لخمسة أعوام.
كما مكن القانون الشرطة أيضا تفعيل الأجهزة عن بعد لتسجيل الأصوات وصور أشخاص يشتبه بارتكابهم أفعالا متعلقة بالإرهاب بالإضافة إلى الجرائم المنظمة والجنح.
وهو قانون ينتهك الخصوصية خاصة أن إجراءاته سابقة لمحاكمة من وصفهم بالمشتبه بهم ووفقا لمفهوم الأمن الوقائي فالشعب كله مشتبه فيه وبالتالي يكون من حق أي ضابط مراقبة أي شخص بحجة أنه مشتبه به في جريمة عقوبتها أكثر من 5 سنوات حتى وإن كان القانون نص على أن هذه الإجراءات تأتي بإذن من القاضي الوقتي ولمدة 6 أشهر.
ما تشهده فرنسا وبعض الدول الأوروبية من إجراءات ضد مواطنيها من المهاجرين تحد من حرياتهم أمر مناف للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وهي اتفاقية ملزمة لدول الاتحاد الأوروبي.
وأخيرا أتمنى أن أرى تقريرا حقوقيا دوليا أو أوروبيا أو عربيا يقول لنا ما تم من انتهاكات جسيمة في قضية مقتل الشاب نائل ورصد ارتفاع وتيرة العنصرية داخل المجتمع الفرنسي للرد على وكالة الصحافة الفرنسية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية