لم تكن جرائم حرق وتدنيس المصحف الشريف مجرد حوادث عابرة ولا تصرفات فردية.. ولكنها بكل أسف كانت جرائم مكتملة الأركان تنبع من عقيدة راسخة داخل شعوب مريضة يملأها الحقد الأعمى والكراهية الشديدة تجاه الإسلام والمسلمين.
لم تتوقف الجريمة عند أفراد بعينهم ولا على دولة بعينها، ولكن الأمر أصبح ظاهرة بدأت بفرنسا منذ فترة ثم انتقلت إلى السويد والدنمارك ثم هولندا وهكذا.
والغريب أن الجريمة يتم الترتيب لها بعناية ويختار المجرمون حرم السفارات والقنصليات العربية والإسلامية لتكون مسرحا لارتكاب جريمتهم وهو ما يؤكد أن هناك رسالة يريد أن يبعث بها قادة هذه الدول وشعوبها.
والأهم من ذلك أن الجريمة ليست كما يصورونها تأتي في إطار حرية الرأي والتعبير.. لكنها جريمة يتم التخطيط لها بمباركة قيادات وأحزاب عنصرية معروفة.
إنهم يدركون جيدا أن الحرية لا تعني الفوضى وأن الكتب المقدسة خط أحمر لا يجب المساس بها أو الاقتراب منها.. لكنهم – أي القادة- يسمحون بذلك عن عقيدة وقناعة ومبدأ.. فهم إرهابيون تحركهم العنصرية البغيضة التي تبناها السياسيون الذين ينتمون إلى اليمين سواء يمين الوسط أو اليمين المتطرف الذي بات يتحكم في مقاليد الأمور.
والدليل على ذلك فضيحة الوزير الفنلندي زيدمان التي فجرتها صحيفة هيلسينغن سانومات الفنلندية منذ أيام حيث كشفت الصحيفة عن تفاصيل رسائل قديمة للوزير الذي يتولى حقيبة الاقتصاد في الحكومة اليمنية ويلي ريدمان الذي ينتمي إلى حزب الفنلنديين اليميني المتطرف والتي كتبها عندما كان نائبا في البرلمان.
الرسائل التي بعث بها الوزير إلى صديقته التي فضحته فيما بعد وكشفت عن مضمونها تؤكد أنه سياسي عنصري حيث استخدم مصطلحات مسيئة للعرب ووصفهم بالقرود، وكشف في رسائله عن كراهيته للمسلمات المحجبات وتأكيده على ضرورة منعهن من العمل.. هذه قناعات وزير مهم في الحكومة الفنلندية.
الغريب أن رئيس الوزراء بيتيري أوربو وصف الرسائل بأنها غير لائقة.. يعني رسائل شكلها مش لطيف.. وأكد ثقته في الوزير دون المساس به أو بمنصبه.
تماما كما فعل رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية في السويد والدنمارك وهولندا.. فهم يدينون جريمة حرق المصحف لكنهم لا يريدون منعها ويؤيدون تكرارها والمداومة عليها.. كل هذا لأنهم أسرى العنصرية البغيضة التي تحكم تصرفاتهم الماجنة.
لقد دافع حكام هذه الدول عن عقيدتهم وإيمانهم بالعنصرية وفتحوا الطريق أمام جريمة حرق المصحف بدعوى حرية الرأي والتعبير، واعتقد أن إصرارهم على ارتكاب هذه الجرائم يرجع إلى ضعف ردود الأفعال.. فهذه الدول التي يحكمها اليمين المتطرف لا تعرف إلا لغة واحدة وهي لغة المصالح، ولو أننا عاملناهم من هذا المنطلق وقاطعنا منتجاتهم وكبدناهم خسائر اقتصادية فادحة فإن النتيجة ستكون مرضية لنا ولن نسمع منهم بعدها أي كلمة عن حرية الرأي والتعبير.
المقاطعة الاقتصادية وحدها كفيلة بتأديب هؤلاء وإجبارهم على احترامنا واحترام مقدساتنا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية